كانت فكرة "النمو الشامل" محل محادثات مُستفيضة في الأيام التي سبقت الاجتماعات السنوية 2014 لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ومن بين الحلول التي طُرحت على مائدة البحث مبادرة جديدة قد تساعد على إطلاق مليارات الدولارات لمشروعات البنية التحتية وتحسين معيشة الكثير من الناس.
فنحو 1.2 مليار شخص يعيشون بدون كهرباء، و2.5 مليار شخص ليس لديهم مراحيض. ونحو 748 مليون شخص لا يحصلون على مياه شرب مأمونة. ويهدف الصندوق العالمي للبنية التحتية (GIF) الذي أعلن رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم تدشينه هذا الأسبوع إلى خفض هذه الأرقام من خلال إعداد مجموعة من مشروعات البنية التحتية ذات الجدوى الاقتصادية والمستدامة والتي يمكنها اجتذاب التمويل.
ولقي البرنامج حتى الآن مساندةً من بعض أكبر مؤسسات إدارة الأصول والاستثمار في أسهم الشركات الخاصة، وصناديق معاشات التقاعد والتأمينات، والبنوك التجارية في العالم، والبلدان المانحة، ومنها أستراليا كندا وسنغافورة واليابان (e) ومؤسسات التنمية المتعددة الأطراف، ومنها بنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الآسيوي للتنمية، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، والبنك الياباني للتعاون الدولي.
وقال كيم للبلدان الأعضاء في المؤسسة يوم الجمعة "النمو الاقتصادي هو أقوى أداة لدينا لإنهاء الفقر، ولكن بدون مرافق البنية التحتية –الكهرباء والمياه والطرق- لن تنطلق أبدا قاطرة النمو. ولكم أن تتأمَّلوا حقيقة أن ما تولده بلدان أفريقيا جنوب الصحراء من الكهرباء سنويا يعادل ما تولده إسبانيا. وإذا كان لنا أن ننهي الفقر، فعلينا توفير الكهرباء في أفريقيا."
ويهدف الصندوق العالمي للبنية التحتية إلى المساعدة في سد النقص في مجال تمويل البنية التحتية بقيمة تريليون دولار سنوياً في البلدان النامية التي لديها احتياجات كبيرة ومتنامية. ومع ذلك، فإن الاستثمارات الخاصة في مجال البنية التحتية في الأسواق الناشئة انخفضت فعلاً من 186 مليار دولار عام 2012 إلى 150 مليار دولار عام 2013. ولاحظ كيم في كلمته في حفل توقيع الصندوق العالمي للبنية التحتية يوم الخميس أن مجموعة البنك الدولي استطاعت تعبئة 24 مليار دولار لمشروعات البنية التحتية العام الماضي، لكن ذلك المقدار "لم يكد يكفي" لتغطية الاحتياجات.
واستثمرت صناديق التأمينات ومعاشات التقاعد أقل من 1 في المائة من أصولها البالغ قيمتها 80 تريليون دولار في مشروعات للبنية التحتية، وكان معظمها في بلدان متقدمة. وقال كيم "نسمع من يقول بصوت عال وواضح أن الأموال موجودة ولكن التحدي الحقيقي ليس في توفر الأموال، وإنما في الافتقار إلى مشروعات صالحة للتمويل من البنوك، أو معروض كاف من استثمارات البنية التحتية المستدامة والسليمة من الناحية التجارية." وأضاف كيم قوله إن الصندوق العالمي للبنية التحتية يهدف إلى "اجتذاب عشرات المليارات أو أكثر" من التمويل غير المستغل في الوقت الحالي.
ومن خلال الاعتماد على الخبرات والموارد وأدوات التمويل المُقدَّمة من الشركاء -مجموعة البنك الدولي وبنوك التنمية - يهدف الصندوق العالمي للبنية التحتية إلى المساعدة في إعداد وهيكلة شراكات مُعقَّدة وذات نوعية جيدة بين القطاعين العام والخاص. والهدف من ذلك هو اجتذاب مصادر تمويل جديدة تضاهي طول آجال استثمارات البنية التحتية. ولتحقيق ذلك، يجب أن تكون المشروعات موافقةً لمتطلبات المؤسسات الاستثمارية التي تبحث عن استثمارات طويلة الأجل وذات تدفقات نقدية يمكن التنبؤ بها. وقال كيم إن الصندوق العالمي للبنية التحتية يدرس عدة مشروعات يُمكِنها إحداث تحوُّل جوهري في اقتصاد البلدان النامية.
وأضاف كيم قوله "إن سماع صوت مستثمرين كبار محتملين من القطاع الخاص في المراحل الأولى لإعداد المشروعات من شأنه أن يساعد على خفض مخاطر فشل المشروعات في وقت لاحق. وهو يؤدي، بوجه عام، إلى تحسين طرق تحديد أولويات مشروعات البنية التحتية وتحسين تصميمها وإدارتها وكذلك تعزيز الشفافية وعمليات المشتريات وتحسين المناخ العام للاستثمار."
وكانت مشروعات البنية التحتية كمصدر للنمو والوظائف على رأس أولويات مجموعة العشرين. وعن ذلك قال جو هوكي، وزير المالية الأسترالي ورئيس الفريق المالي لمجموعة العشرين، إن أستراليا ملتزمة بتقديم مساندة كبيرة للصندوق العالمي للبنية التحتية وتعتزم أن تفعل المزيد.
وتابع هوكي قائلا في حفل التوقيع يوم الخميس "ستكون البنية التحتية أحد أهم أدوات تخفيف وطأة الفقر في الخمسين عاما القادمة." وأضاف قوله إن الاستفادة من مهارات القطاع الخاص وقدراته التمويلية سيساعد على "بناء مرافق البنية التحتية التي تساعد على تحسين معيشة الناس – خدمات أفضل للمياه والكهرباء والتعليم والرعاية الصحية، وما إلى ذلك."
انضم إلى النقاش