نشر في أصوات

أهم سبع تكنولوجيات مبتكرة بالنسبة للمدن

الصفحة متوفرة باللغة:
هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English
Image


تخيل أنك كنت تعمل في مجال التنمية والحد من الفقر في أوائل التسعينيات (أنا كنت كذلك!). لم يكن يوجد سوى موقع إلكتروني واحد في العالم بأسره في أغسطس/آب 1991 (يوجد الآن أكثر من 1.5 مليار موقع إلكتروني). وكانت الهواتف المحمولة باهظة الثمن وقليلة ورديئة المواصفات. ولم يكن يخطر على بال الكثيرين أن يصبح عدد الهواتف المحمولة في الهند أكبر من عدد دورات المياه.

لإعادة صياغة ما قاله بيل غيتس: إننا نميل إلى تضخيم التغييرات التي ستحدث على المدى القصير والتقليل من تلك التي ستحدث على المدى الطويل. وتعمل التكنولوجيا على إحداث تغيير وتحوُّل، بصورة هادئة لكنها جذرية، في كيفية تقديم المدن للخدمات إلى مواطنيها. فهي تقوم بذلك بطريقة تُحدث تغييرا جوهريا ليس فقط في أسلوب تقديم الخدمات، بل أيضا في الجوانب الاقتصادية والتمويلية الأساسية. 

وفيما يلي أهم سبع تقنيات مبتكرة ستُحدث ثورة في تقديم الخدمات بالمدن (بدون ترتيب معين): 

1. شبكات الهاتف المحمول من الجيل الخامس

سيكون "الجيل الخامس" هو إصدار تكنولوجيا شبكات الهاتف المحمول الذي يُتوقع إطلاقه بحلول عام 2020. وسيكون أسرع من التكنولوجيا الحالية للهاتف المحمول بما يتراوح من 40 إلى 60 ضعفا.

وتشير حسابات البنك الدولي إلى أنه مع حدوث "زيادة بنسبة 10% في وصلات الإنترنت عالية السرعة، سيزيد النمو الاقتصادي بنسبة 1.3%" وسيؤدي ذلك إلى "إضفاء الطابع الديمقراطي على الابتكار". ووفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، "ففي عالم لا يتمكن سوى 40% من سكانه من الاتصال بالإنترنت، يمكننا زيادة إجمالي الناتج المحلي العالمي بواقع تريليون دولار من خلال ربط 327 مليون شخص آخرين". وستتيح تكنولوجيا الجيل الخامس إمكانية إدماج أجهزة الاستشعار رخيصة التكلفة وذات الاستهلاك المنخفض للكهرباء في المباني والأجهزة والسيارات. وستكون إحدى الوسائل الرئيسية لإتاحة "إنترنت الأشياء".

ويساند البنك الدولي عددا كبيرا من المشاريع التي يتم فيها تقديم الخدمات من خلال شبكات الهاتف المحمول.  فعلى سبيل المثال، يوفر مشروع سد فجوة تكنولوجيا المعلومات (BridgeIT) في تنزانيا التابع للبنك الدولي إمكانية عرض محتوى رقمي مصوَّر في الفصول الدراسية "عند الطلب" عبر تكنولوجيا الهاتف المحمول. وستُحدث شبكات الجيل الخامس تحوُّلا في هذه التطبيقات.

2. تقنية البلوك تشين

ستقوم تقنية البلوك تشين (قواعد البيانات المتسلسلة)، التي تستند إليها العملة المشفَّرة "البيتكوين"، بالتأكيد بما قامت به الإنترنت في مجال المعلومات. وهذه التكنولوجيا هي في جوهرها عبارة عن خوارزمية وهيكل بيانات موزَّعة تتيح إمكانية التحقق اللامركزي من أي معاملة، وبالتالي يصعب قرصنتها. ويسمح ذلك بإجراء المعاملات بدون وسطاء، مثل البورصة، الذين يقومون حالياً بدور الضامنين للمعاملات.

وتُستخدم تقنية البلوك تشين لأغراض متنوعة تتراوح من تحسين سجلات الأراضي في جورجيا إلى تعزيز سلامة الغذاء في الصين. ويستخدم مخططو المناطق الحضرية هذه التقنية لتقسيم المناطق بصورة أكثر شمولاً من خلال إنشاء نظام حوافز جديد يشجِّع شركات التطوير العقاري وغيرها من الجهات الفاعلة في مجال التنمية الحضرية على توسيع نطاق تركيزها من مجرد تحقيق الربح إلى الاهتمام بالمعايير التي يرغب المخططون في التأكيد عليها، مثل منع تجديد الأحياء القديمة، وتشجيع التنوُّع، إلخ. وقد نشرت مجموعة البنك الدولي أول مذكرة لها عن التكنولوجيا المالية والتي تتناول تكنولوجيا دفتر الأستاذ الموزَّع وتقنية البلوك تشين وتحلل مدى ملاءمتها المحتملة لعمليات التنمية الدولية.

3. الذكاء الاصطناعي/ التعلُّم الآلي/ البيانات الضخمة

حذرت عقول عظيمة، أمثال ستيفن هوكينغ وإيلون ماسك، من مخاطر الذكاء الاصطناعي. ويرى آخرون، مثل فاي-فاي لي أستاذة علوم الكمبيوتر في جامعة ستانفورد، "أننا أقرب إلى الغسالة الآلية منه إلى الأجهزة المدمرة".

ومع ذلك، بدأ الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة يُحدثان تحولا جذريا في أسلوب تقديم الخدمات فيما يُسمَّى "بالمدن المعتمدة على البيانات" مثل هونغ كونغ وشنغهاي وسيدني ونيويورك في مجالات مثل مواقف السيارات الذكية، ورصد جودة الهواء، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة في المباني. وفي مدينة هو تشي منه، تُستخدَم تطبيقات الهاتف المحمول المزوَّدة ببيانات جغرافية مكانية لتعزيز نظام إدارة تقسيم المناطق. وسيؤدي التصنيف الائتماني باستخدام البيانات الضخمة على الأرجح إلى توفير التمويل الميسَّر للملايين من الناس، مثل العاملين بالقطاع غير الرسمي. ويقدم هذا المقال المنشور على مدونة زميلتي ماريا جونز عرضا عاما ممتازا لأحدث التطورات في استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية.

4. السيارات ذاتية القيادة

رغم تسبُّب إحدى السيارات ذاتية القيادة في وفاة أحد المشاة مؤخراً، فإن هذه السيارات سيكون لها تأثير بالغ على مدننا. 

وتشير تقديرات هيئة إعادة التطوير الحضري في سنغافورة إلى أن المدينة التي تخدمها سيارات الأجرة الآلية وشبكة للنقل بالقطارات السريعة بين المدن استطاعت تقليل عدد السيارات في المدينة بنسبة 90% على مدار 24 ساعة يومياً. وأدى الجمع بين القطارات وسيارات الأجرة الآلية إلى خفض 65% من السيارات خلال ساعات الذروة بشكل عام. وفي عام 2016، نشر جون زيمر، أحد مؤسسي شركة ليفت ورئيسها، مقالا مطولا على موقع ميديام أشار فيه إلى أن السيارات ذاتية القيادة "ستشكل غالبية سيارات الشركة في غضون خمسة أعوام" وأنه "بحلول عام 2025، ستنتهي تماما ملكية السيارات الخاصة في المدن الأمريكية الرئيسية."

5. استكشاف الفضاء بتكلفة منخفضة، الأقمار الصناعية الصغيرة

يستطيع صاروخ فالكون هيفي القابل لإعادة الاستخدام الذي أطلقته شركة إيلون ماسك وضع طن من أي شيء في مدار الفضاء مقابل نحو ألف دولار. وباستخدام المكوك الفضائي، كانت التكلفة تبلغ عادةً 10 آلاف دولار. ويمكن أن تكون لذلك آثار بالغة على حياة البشر. وإحدى أفكار ماسك هي السفر من مدينة إلى أخرى عبر الفضاء، وهو ما سيتيح نظرياً إمكانية الانتقال إلى أي مكان في كوكب الأرض خلال ساعة من الزمن.

ووفقاً لشركة الأبحاث غارتنر، سيجري استخدام أكثر من 20 ملياراً من الأشياء المتصلة ببعضها على مستوى العالم بحلول عام 2020. وتقوم شركة جديدة تُسمَّى وان ويب بنشر "أقمار صناعية متناهية الصغر " لتكوين "كوكبة" من شأنها إيجاد حل للتحدي الهائل المتمثل في: توفير الاتصال بالإنترنت لنحو 4 مليارات شخص حول العالم مازالوا يفتقرون إلى وسيلة موثوق بها للدخول إلى الويب، بالإضافة إلى تمكينهم من التعامل مع نحو 20 ملياراً من الروابط والاتصالات التي سيوفرها إنترنت الأشياء.

6. القياسات الحيوية والهوية الرقمية والمدفوعات الرقمية

تشير تقديرات برنامج تحديد الهوية من أجل التنمية التابع للبنك الدولي إلى أن هناك 1.1 مليار شخص حول العالم لا يمكنهم إثبات هويتهم (أي 1 من بين كل 7 أشخاص). وهناك تغيُّر سريع في هذا الشأن، فقد استطاع برنامج آدهار في الهند قيد نحو 1.1 مليار شخص. وبالسماح ببطاقة آدهار كنموذج مقبول لبطاقات الهوية، أظهرت إحدى الدراسات ارتفاع معدل الشمول المالي بين النساء في الهند بنسبة 24% بين عامي 2014 و2015. وإجمالاً، تم فتح قرابة 220 مليون حساب بحلول أبريل/نيسان 2016.

ويساعد ربط مدفوعات الدعم والإعانات ببطاقات تحديد الهوية باستخدام القياسات الحيوية في القضاء على الاحتيال والإهدار والفساد— على سبيل المثال، بتحديد العمالة "الزائفة" في نيجيريا. وتم إطلاق أو البدء في أنظمة الهوية الرقمية، بما فيها البرامج المستندة إلى استخدام البطاقات و/أو الهاتف المحمول في الجزائر والكاميرون والأردن وإيطاليا والسنغال وتايلند، مع إجراء إعلانات رئيسية عن برامج مشابهة في هولندا وبلغاريا والنرويج وليبريا وبولندا وجامايكا وسري لانكا، بالإضافة إلى برنامج تجريبي في ميانمار. وتشمل معظم هذه البرامج حاليا استخدام القياسات الحيوية، لاسيما في شكل بصمات الأصابع.

7. الطائرات المسيَّرة

أتذكر أول موافقة لي على دفع مبلغ لشركة للطائرات المسيَّرة (لتقدير الأضرار في ساموا قبل بضع سنوات) ولم أكن أعرف الغرض منها! وإذا أردت أن ترى بشكل مباشر مدى التطور السريع في تكنولوجيا الطائرات المسيَّرة، فما عليك سوى إلقاء نظرة على قائمة موقع تيد عن هذه الطائرات. ويجري استخدام هذه الطائرات في كل شيء بدءاً من رسم خرائط للمناطق العشوائية المعرَّضة للفيضانات في دار السلام وصولاً إلى عمليات التقدير السريع للأضرار في تونغا.

Image

لكن هناك تحولا جوهريا ومثيرا وهو أنه تجري المزاوجة بين الطائرات المسيَّرة والذكاء الاصطناعي الذي يساعد على الاستغناء عن وجود طيارين مهرة. وتُعد فحوصات الصيانة التي تُجرى عن بُعد لتوربينات الرياح أو أسطح المباني مثالاً على الأعمال الخطرة والشاقة التي يمكن أن تقوم بها هذه الطائرات ببراعة فائقة. لكن حتى الآن، تتطلب هذه المهام وجود طيارين لإبقاء الطائرات بعيدة عن خطوط الكهرباء والأشجار وللحفاظ على ثباتها في حالة حدوث انفجارات هوائية مفاجئة، وهو وضع لن يستمر.

تبشر هذه التكنولوجيات مجتمعة بخير عميم للمدن التي تواجه مشكلات مثل الانفجار السكاني وتخلُّف هائل في البنية التحتية وتقديم الخدمات، وبالتالي تجاوز أجيال من النماذج العتيقة. 

ويمكن أن يلعب البنك الدولي دورا رئيسيا في هذا الصدد، لاسيما في ضمان تقاسم المكاسب الناتجة عن هذه التكنولوجيات بصورة منصفة وعدم إغفال الفقراء. ولتحقيق ذلك، تقدم مطبوعة تقرير عن التنمية في العالم 2016: العوائد الرقمية ثلاثة دروس رئيسية:

  1. استخدام البيانات لاستهداف الفئات الأشد ضعفا، كما فعلت ساو باولو من خلال تطوير قاعدة بيانات جغرافية شاملة لتحديد أولويات الاستثمار في مجال الإسكان والنهوض بالأحياء الفقيرة؛
  2. إتاحة البيانات لتعزيز المساءلة، بما في ذلك رسم خرائط للمنشآت وأماكن التلوث والاحتياجات المجتمعية في كيبيرا، وهي أكبر منطقة عشوائية في نيروبي؛
  3. الاستفادة من قدرات الاتصال عبر الهاتف المحمول لتوسيع نطاق المشاركة المدنية، مثلما فعلت المدن في الفلبين للمشاركة في إعداد الموازنة.

هل تعرف أي طرق أخرى لاستخدام التكنولوجيات المبتكرة في بناء مدن ومجتمعات محلية شاملة للجميع وقادرة على الصمود ومستدامة؟ اترك تعليقاً.


بقلم

Abhas Jha

Practice Manager, Infrastructure Resilience Policy and Finance

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000