دعاني ابني البالغ من العمر 10 سنوات مؤخرا لأكون من بين أصدقائه على فيسبوك. كانت الرسالة التي تلقيتها،"مرحبا أمي. أنا هنا أيضا، هل من الممكن أن نكون أصدقاء؟" انتابني الذهول والقلق في الوقت ذاته، وكان أول رد فعل من جانبي هو الخوف من الأضرار الشائعة التي يمكن أن تسببها وسائل التواصل الاجتماعي لصبي صغير مثله.
وفي النهاية اتفقنا على أن يتيح لوالده الدخول على حسابه على فيسبوك لمراقبة ما يفعله إلى أن يبلغ الثامنة عشر من عمره. ولكن في اللحظة التي يستقبل أو يرسل فيها شيئا غير لائق، سيعتبر الاتفاق لاغيا. قلت لنفسي إن هذا اتفاق عادل، وإن التخاطب عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن بالفعل أن يثري حياة ابني.
ما أعيشه الآن هو أيضا ما تعيشه أسر أخرى في جزر سليمان. بدأت القصة مع بداية الثورة التي أحدثتها تكنولوجيا الهواتف المحمولة في حياة المواطنين العاديين من سكان الجزر خلال السنوات الخمس الأخيرة عندما فتحت حلبة المنافسة أمام صناعة الاتصالات. كان امتلاك الهواتف المحمولة قاصرا فيما مضى على رجال الأعمال وكبار المسؤولين الحكوميين- ترف لم يكن يبلغه سوى الأثرياء والشخصيات النافذة في المجتمع.
ورغم أن تكنولوجيا الهواتف المحمولة كانت متاحة في جزر سليمان منذ أواخر التسعينات، بسبب الطبيعة الاحتكارية لهذه الصناعة، فإنها كانت باهظة الثمن ولم تكن في متناول أيدي أكثر من 11 في المائة من السكان (65 ألف شخص).
ونظرا للمساندة التي قدمها البنك الدولي عام 2010 لمشروع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جزر سليمان، (E) مازالت سبل الحصول على الهواتف المحمولة والإنترنت تتحسن. والآن انخفضت تكلفة المكالمات الهاتفية بنسبة 60 في المائة. وفي عام 2010، كان سعر المكالمة مدة 3 دقائق عبر الهاتف المحمول يبلغ 1.20 دولار. والآن، يقل متوسط سعر هذه المكالمة عن نصف دولار. ورغم التكلفة الباهظة للإنترنت، فإن المنافسة الأعظم في مجال الإنترنت قادمة في ضوء الاستثمارات الحكومية القادمة مع القطاع الخاص لمد كابل بحري جديد من الألياف البصرية.
وتبقى حقيقة أن من بين كل 100 من سكان الجزر، هناك 54 يمكنهم حاليا الحصول على شكل من أشكال الاتصالات الحديثة، وهو شيء طيب لشعب يزيد عدد سكانه قليلا عن النصف مليون يتناثرون عبر 1.34 مليون كيلومتر مربع من المحيط. وتتمكن الأسر من الاتصال بعضها ببعض، وفي لحظات الكوارث الطبيعية تساعد الاتصالات المحمولة على إنقاذ حياة الكثيرين.
كما أتاحت المنافسة في مجال الهواتف المحمولة فرصا جديدة للأعمال. وأفادت "سولومون تيليكوم ليميتد"، وهي واحدة من شركتين اثنتين لتقديم خدمة الهواتف المحمولة في الجزر، بأن أكثر من 8 آلاف شخص وشركة تقدموا بطلبات للعمل كوكلاء بيع لبطاقات "تيليكوم مي توب آب" الخاصة بالشركة. ويزيد معدل الربح عن 10 في المائة، بينما أغلب المتقدمين للحصول على الوكالة من بين النساء.
تدير ثيلما نينج، الموظفة لدى هيئة الإذاعة المحلية، أحد توكيلات "مي توب آب" منذ عام 2010. وقالت لي"إنه نشاط جيد. يقولون إن الربح الذي تحصل عليه مقابل بيع أي عدد من البطاقات التي تشتريها هو 10 في المائة، لكنك في الحقيقة تحصلين على أكثر من هذا". والآن تبيع هذه البطاقات لآخرين في الأقاليم ليبيعوها بدورهم لآخرين بنفس النسبة من العائد. وتوصي بها لنساء يبحثن عن وسيلة أقل تعقيدا للحصول على دخل.
كما ساعد تحسن الاتصال عبر الإنترنت على استمرار الاتصال بالأسر في الخارج. مثال على ذلك، آنا، التي تركت طفلها البالغ من العمر 7 أشهر مع والديها في قرية بجزيرة مالايتا للدراسة من أجل الحصول على درجة الماجستير في أستراليا. وقد تمكنت من التركيز في دراستها فقط بفضل استمرارها في الاتصال مع أسرتها عبر الهاتف المحمول. وفقا لآنا، فإن الاطمئنان على طفلها يوميا يحدث لها أثرا كبيرا.
بشكل عام، أشعر بالسعادة للأثر الذي أحدثته الهواتف المحمولة والإنترنت في حياتي وحياة أبناء شعبي.
فهل حصلت أنت الآخر على وسيلة اتصال مؤخرا؟ أود أن أعرف إلى أي مدى أثر هذا عليك.
انضم إلى النقاش