نشر في أصوات

أثر النوع الاجتماعي (الجندر) على الامتثال الضريبي

الصفحة متوفرة باللغة:
سيدتان من فئتان عمرية مختلفة تجلسان أمام كمبيوتر محمول تصميم مسوح استقصائية لدافعي الضرائب لمعرفة تجارب النساء والرجال مع الأنظمة الضريبية. صورة: Shutterstock

ضمان اتباع القوانين واللوائح الضريبية والإقرار عن الضرائب غاية في الأهمية لتحسين جهود الحكومات الرامية إلى تحصيل الأموال اللازمة للتخفيف من حدة الفقر وتقديم الخدمات العامة. تحدد سلسلة من الدراسات التي أُجريت في السنوات الأخيرة إصلاحات تستهدف زيادة الامتثال للقوانين واللوائح الضريبية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، بما في ذلك تحسين إنفاذ القوانين وأعمال المراجعة باستخدام بيانات من جهات خارجية مستقلة، وتحسين الحوافز لموظفي الضرائب، ودمج التكنولوجيات الرقمية في إدارة الضرائب. 

وفي إطار هذه الجهود، يظل هناك سؤال مهم للغاية وغالباً ما يتم إغفاله: كيف يؤثر النوع على الامتثال الضريبي؟ تتناول مذكرة صدرت مؤخراً للبرنامج العالمي للضرائب بعنوان "تحليل الامتثال الضريبي من منظور النوع الاجتماعي" كيفية التأكد من معاملة الجميع معاملة عادلة عندما يتعلق الأمر بالضرائب، كما تساعدنا هذه المذكرة المعرفية على فهم أهمية ذلك بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء، وتكشف عن رؤى وأفكار بالغة الأهمية تتعلق بالجهود الرامية إلى إحداث تحول في أساليب التعامل مع الامتثال الضريبي والمساواة بين الجنسين.

ما العلاقة بين النوع الاجتماعي والامتثال الضريبي؟

أولاً، قد يؤثر النوع على سلوك الامتثال الضريبي، وتشير الأدلة والشواهد من البلدان مرتفعة الدخل إلى أن النساء قلما يقدمن إقرارات ضريبية بأقل من دخلهن الحقيقي أو يتهربن من دفع الضرائب (على سبيل المثال، في الدانمرك ونيوزيلندا). وإذا كان التهرب الضريبي أكثر انتشاراً بين الرجال في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، فإن هذا يمكن أن يقوض نظام الضرائب التصاعدية، وبالتالي يكون سعر الضريبة الفعلي والمطبق أعلى بالنسبة لأصحاب الدخول الأقل، ومعظمهم من النساء في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، مما يؤدي إلى تفاقم فجوات الدخل بين الجنسين. ومما يؤسف له أن البيانات المتعلقة بسلوك الامتثال الضريبي في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل غير متاحة.

ثانياً، ربما تختلف الآثار الناجمة عن جهود الحكومة لفرض الامتثال الضريبي بين النساء والرجال، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤثر التركيز على الاحتيال للحصول على مزايا وإعفاءات ضريبية للأسر التي لديها أطفال بصورة سلبية على النساء والأسر منخفضة الدخل أكثر من التركيز على الامتثال للضرائب الأخرى لأن النساء يستفدن عادة من هذه المزايا والإعفاءات الضريبية. ومن المرجح أن يؤدي توجيه جهود إنفاذ القوانين لتحقيق الامتثال الضريبي من جانب الأثرياء إلى زيادة الضرائب التصاعدية وتحسين فجوات الدخل بين الجنسين لأن المرأة غالباً ما تأتي ضمن شريحة الدخل المنخفض.

ثالثاً، قد تتحمل النساء وصغار دافعي الضرائب أعباء ضريبية لا تتناسب مع دخلهم بسبب عدم معرفتهم بالنظام الضريبي، على سبيل المثال:

  • كشفت دراسة حديثة شملت عدة بلدان أن صغار دافعي الضرائب قلما يطلبون مزايا وخصومات بشأن ضريبة القيمة المضافة على مستلزمات الانتاج، وبالتالي يدفعون ضرائب أكثر وتزيد أعبائهم الضريبية. ولما كانت غالبية النساء من صغار دافعي الضرائب وأقل معرفة بالنظام الضريبي، فقد يتأثرن سلباً.
  • بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه النساء معوقات في الحصول على الخدمات الضريبية، لا سيمّا في المناطق ذات الأعراف والتقاليد الاجتماعية المتشددة، وقلما يطلبن المساعدة الضريبية من المتخصصين (انظر على سبيل المثال هذه الدراسة عن دافعي الضرائب في باكستان).
  • في أفريقيا، غالباً ما تواجه التاجرات أو رائدات الأعمال صاحبات الدخل المنخفض العديد من الضرائب أو الرسوم، مما قد يثنيهن عن المشاركة في النشاط الاقتصادي بصورة كاملة (على سبيل المثال، في نيجيريا وسيراليون).

الفجوة الرقمية بين الجنسين وأثرها على الخدمات الضريبية

للرقمنة آثار سلبية وإيجابية على دافعات الضرائب. ويمكن للرقمنة أن تخفف من القيود المفروضة على التنقل والوقت، مما يقلل من ضرورة التعامل المباشر مع مسؤولي الضرائب. ولكن بدون التصميم المناسب، يمكن أن تستبعد الأنظمة الضريبية الرقمية النساء اللاتي ليس لديهم معرفة بالتكنولوجيا الرقمية أو لا يمكنهن الوصول إليها.

تؤكد بحوثنا أهمية إتاحة الخدمات الضريبية الرقمية للجميع، مع محتوى واضح وتدريب يلبي الاحتياجات المختلفة للنساء والرجال. ويمكن أن يؤدي سد الفجوة الرقمية إلى أنظمة ضريبية أكثر شمولاً وكفاءة.

  

فجوة البيانات

يعوق النقص الكبير في البيانات المصنفة حسب النوع الاجتماعي فهمنا لأثر النوع على الامتثال الضريبي. وبدون هذه البيانات، من الصعب تصميم سياسات مالية عامة تعزز النمو الشامل للجميع. 

 

سد الفجوات- توصيات بشأن السياسات

تقترح مذكرتنا المعرفية عدة إجراءات على مستوى السياسات لمعالجة التفاوتات بين الجنسين من حيث الامتثال الضريبي:

  • جمع وتحليل البيانات الصادرة عن إدارات الضرائب حسب النوع للاسترشاد بها في اتخاذ القرارات على مستوى السياسات.
  • إعداد خدمات وحملات توعية مصممة خصيصاً لدافعي الضرائب تلبي مختلف احتياجات النساء والرجال، بما في ذلك تبسيط إجراءات تقديم الإقرارات والدفع وبرامج التوعية المستهدفة. ويمكن أن يساعد تقسيم دافعي الضرائب إلى مجموعات حسب حجم الأعمال أو القطاع في التصدي للتحديات المحددة التي يواجهونها. فعلى سبيل المثال، نظراً لأن النساء غالباً ما يمثلن الأغلبية في منشآت الأعمال والمشروعات الصغيرة، فإن إنشاء مكاتب لصغار دافعي الضرائب قد يساعد النساء على نحو أفضل في الحصول على الخدمات.
  • تصميم استقصاءات لدافعي الضرائب لمعرفة تجارب النساء والرجال مع الأنظمة الضريبية، بما في ذلك الضرائب التي يدفعونها، وأماكن الدفع، والقيود التي يواجهونها عند القيام بذلك. وينبغي إيلاء اهتمام دقيق لتصميم المسح الاستقصائي ومنهجيته وتنفيذه لضمان معرفة آراء النساء نظراً لأهمية ذلك في السياقات التي يمكن أن يؤدي فيها عدم توفر الخدمات التكنولوجية أو خدمات الإنترنت إلى الحد من أجوبة النساء.
  • الاستثمار في برامج محو الأمية الرقمية وضمان أن تكون المنصات الضريبية الرقمية سهلة الاستخدام ومتاحة للنساء، لا سيمّا في المناطق الريفية ومنخفضة الدخل.

تهدف هذه التوصيات إلى إنشاء نظام ضريبي يدعم المساواة بين الجنسين، ويقلل عدم المساواة في الدخل، ويعزز النمو الاقتصادي الشامل للجميع.


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000