يُعد الصرف الصحي من الشواغل الكبرى في المناطق الريفية في منطقة الوجه البحري والدلتا حيث يتفرع نهر النيل ويصب في البحر المتوسط. ومع زيادة توصيلات المياه، ترتفع معدلات استخدام المياه وتمتلئ البيارات (خزانات الصرف الصحي) حتى تعجز عن استيعاب مياه الصرف الزائدة، لا سيما، في منطقة الدلتا ، حيث يرتفع منسوب المياه الجوفية وينخفض معدل الامتصاص في التربة.
ولمنع فيضان المجاري، يتعين على السكان تفريغ البيارات باستمرار وقد تصل هذه العملية إلى مرة أسبوعيا، وهو ما قد يكلف الاسرة الواحدة 250 جنيهًا شهريًا أي حوالي 5% من متوسط دخلها، وهو ما يتجاوز بكثير في العديد من الحالات التكاليف التي تدفعها هذه الأسر مقابل حلول الصرف الصحي التقليدية، كما إنها تمثل تكاليف عالية بالنسبة للكثيرين الذين يعيشون في المناطق الريفية.
ويتم تطبيق برنامج خدمات الصرف الصحي المستدامة بالمناطق الريفية الذي تبلغ قيمته 550 مليون دولار بالتنسيق مع 6 شركات للمياه والصرف الصحي في محافظات الوجه البحري والدلتا وهي الدقهلية والبحيرة والشرقية والمنوفية ودمياط والغربية، ويمول الشركات لتوصيل خدمات الصرف الصحي للمنازل مع التحقق من موثوقيتها.
ويشتمل هذا البرنامج على إصلاحات استراتيجية ومؤسسية مهمة لهذا القطاع. ومن بين هذه الإصلاحات، التي ثبت نجاحها، التحسن الذي طرأ على إجراءات الشراء والتوريدات والتعاقدات، وتوحيد مستندات لمناقصات والعطاءات، فضلا عن توحيد إجراءات تملك الأراضي. ويتم تطبيق ذلك بنجاح ليس من جانب الشركات الست المستهدفة في إطار هذا البرنامج فحسب، ولكن أيضا هناك تأثير إيجابي ممتد على الشركات الأخرى حيث نرى كيف تعتمد هذه الإصلاحات لتحسين عملياتها وإجراءاتها الداخلية.
ومما لا شك فيه أن التحسينات المؤسسية والتشغيلية عملت على تعزيز قدرات هذه الشركات على الصمود ومجابهة الأخطار، والتكيف والتصدي للتحديات التشغيلية الجديدة في مواجهة جائحة كورونا. كما أرسى هذا البرنامج الأساس لثقافة الأداء القوي وروح المنافسة الصحية والتعلم من تجارب الآخرين.
وقد زادت كفاءة شركة البحيرة للمياه والصرف الصحي في تشغيل محطات معالجة مياه الصرف الصحي (وفق المواصفات القياسية الصارمة للتخلص من مياه الصرف الصحي) من 9% إلى أكثر من 55% في السنوات المالية 2015 ــ 2020 من خلال تحسين إدارة الصيانة وضمان توافر قطع الغيار والمواد الكيميائية. وخلال اجتماع عُقد مؤخرا في أغسطس/أب 2020، عبر شبكة الإنترنت لاستعراض سير العمل في البرنامج، أعرب المهندس محمد نشأت، رئيس مجلس إدارة شركة البحيرة، عن فخره واعتزازه بالأداء القوي لشركته لتمكنها من تحمل الآثار الناجمة عن جائحة كورونا، ومواصلة المضي على المسار الصحيح لتحقيق مؤشرات أدائها الرئيسية. غير أن توقعاته لسنة 2020-2021 كانت أقل تفاؤلاً، حيث توقع زيادة تكاليف التشغيل وانخفاض الإيرادات.
وفي سياق متصل، وصف المهندس عادل عطية، رئيس مجلس إدارة شركة الغربية للمياه والصرف الصحي، كيف قامت الشركة بزيادة كفاءتها في تحصيل الفواتير من خلال الاستعانة بمحصلين من القطاع الخاص في الشهور التي سبقت جائحة كورونا وتطبيق نظام الحافز. وقد خفف ذلك من الآثار السلبية على الإيرادات هذا العام خلال الفترة من مارس/ آذار حتى يونيو/ حزيران 2020.
وتعتبر أداة تمويل البرامج وفقاً للنتائج، وسيلة فعالة في تحفيز الإصلاحات وتعميمها على المستوى القومي.
وسيركز البرنامج خلال الفترة المقبلة على تنفيذ عقود الوصلات المنزلية ومساندة أجندة الإصلاح الطموحة في مصر في إطار استراتيجية قومية لقطاع المياه والصرف الصحي، وبناء القدرات التنظيمية وإصلاح الأسعار، وهو ما يُعد ركيزة لضمان استدامة الإصلاحات الجارية. وعلى الرغم من اتخاذ الخطوات الأولية على صعيد هذه الإصلاحات بالفعل، من الضروري زيادة توافق أصحاب المصلحة والأطراف المعنية حتى تتحقق النتائج المرجوة.
انضم إلى النقاش