نشر في أصوات عربية

بعد 20 عاما على بروتوكول باريس، هل حان الوقت لاتفاق جديد لفلسطين؟

الصفحة متوفرة باللغة:
 Ryan Rodrick Beiler l Shutterstock.com
كعادتنا في عطلات نهاية الأسبوع، ذهبت أنا وأصدقائي  مؤخراً إلى مدينة رام الله بالضفة الغربية في أحد أيام الأحد لتناول الإفطار في مقهى محلي والاستمتاع بالأيام الدافئة للربيع الفلسطيني. وبينما كنا جالسين نتبادل أطراف الحديث في أحوال معيشتنا، سمعنا حوارا يجري على المائدة المجاورة لنا، حيث كان خمسة شبان فلسطينيين يشكون من نقص الوظائف وفرص العمل. بدا أن هؤلاء الأصدقاء جميعا من خريجي الجامعات ويبحثون منذ شهور عن فرص عمل دون جدوى. وأشد ما لفت انتباهي هو أنهم كانوا جميعا يلقون اللوم في مشكلتهم على بروتوكول باريس، قائلين "إنه السبب في تخلُّف الاقتصاد الفلسطيني سنوات عما كان يجب أن يكون عليه!"
 
وليس بالمستغرب سماع هذا من فلسطينيين. ففي الواقع، يخرج الناس أحيانا إلى الشوارع للتظاهر تعبيرا عن استيائهم من بروتوكول باريس وهو اتفاق يُنظِّم العلاقات الاقتصادية الفلسطينية مع إسرائيل. هذا الاتفاق مضى عليه الآن ما يربو على 20 عاما. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ما سبب استياء معظم الفلسطينيين من بروتوكول باريس؟ 
 
تظهر بيانات البحوث أن هيكل الاقتصاد الفلسطيني تدهور بشدة على مدى 20 عاما مضت . فقد تراجعت نسبة الصناعة في الاقتصاد، إذ انخفض نصيب قطاع الصناعات التحويلية من 18% من الناتج الاقتصادي عام 1995 إلى 12% الآن. و هبط حجم القطاع الزراعي في فلسطين بمقدار النصف . وكانت الاستثمارات الخاصة التي تدور حول 15% تقريبا متدنية، ومن الواضح أنها لا تكفي للتأثير على مشكلة البطالة التي يبلغ معدلها 26%.
 
 
ويُظهر تقرير جديد للبنك الدولي اشتركت أنا وزملاء آخرون في وضعه أن السلطة الفلسطينية تتكبَّد خسائر كبيرة في الإيرادات - تُقدَّر بنحو 285 مليون دولار سنويا  - في ظل ترتيبات تقاسم الإيرادات التي ينص عليها بروتوكول باريس.
 
وقد تم تصميم البروتوكول لمدة مؤقتة خمس سنوات، وخلال تلك الفترة، استطاع الفلسطينيون تكوين مؤسساتهم وبناء قدراتهم لإدارة شؤونهم الاقتصادية. وبنهاية تلك الفترة المؤقتة، كان من المتوقع أن يكون اتفاق بشأن الوضع الدائم قد أُبرِم لضمان الاستقلال السياسي والاقتصادي الفلسطيني. وأدَّى فشل المفاوضات على هذا الاتفاق إلى تمديد أجل البروتوكول بحكم الأمر الواقع لفترة طالت كثيرا عما كان مقررا له. ونتيجة لذلك، أصبح بروتوكول باريس عتيقا وعاجزا عن خدمة مصالح الفلسطينيين .
 
ولم يتم تنفيذ بعض بنود بروتوكول باريس كما كان متصورا بادئ الأمر. فعلى سبيل المثال، توقع بروتوكول باريس حرية تنقل السلع والأيدي العاملة بين إسرائيل وفلسطين . لكن الوضع على أرض الواقع بالغ الصعوبة، فعلى مدى سنوات أقيم عدد كبير من نقاط التفتيش وحواجز الطرق التي تعوق الحركة داخل الضفة الغربية وإليها ومنها، مما يزيد من تكاليف المعاملات زيادة كبيرة. ويجري أيضا تطبيق سياسة تشدد على الحصول على تراخيص وذلك للحد من عدد الفلسطينيين العاملين في إسرائيل. وفي قطاع غزة، فإن الوضع أشد صعوبة منذ عام 2007، حيث ينوء القطاع تحت وطأة حصار اقتصادي.
 
و تظهر بحوث لخبراء البنك الدولي وآخرين أن الاقتصاد الفلسطيني يتمتع بإمكانيات هائلة . وتسببت الظروف السائدة حاليا في تراجع أدائه بشدة عن المستوى الذي يمكن تحقيقه، وجعلت الشباب يائسين لا يرون أملا في غد أفضل. ومن الضروري إطلاق هذه الإمكانيات الكامنة لخلق مستقبل أفضل للأجيال القادمة. وإلا، فإن ذلك - كما أثبتت التجربة - سيؤدي تفاقم مشاعر اليأس وغياب الفرص إلى المزيد من الاضطرابات، ويدفع الطرفين المتخاصمين بعيدا عن بر السلام.

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000