التصدي لانعدام الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان: ابتكارات في مراقبة البيانات

لا يزال انعدام الأمن الغذائي قضية خطيرة تؤثر على ملايين الناس في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان. وتواجه المنطقة مجموعة واسعة من تحديات الأمن الغذائي - من الأزمات الإنسانية الحادة المرتبطة بالصراع في بعض المناطق إلى المخاوف المتعلقة بالقدرة على تحمل التكاليف في مناطق أخرى، ومن ارتفاع مستويات الرخاء الاقتصادي، إلى ما يصاحب كل ذلك من نقص في التغذية. ويشهد النظام الغذائي صدمات متكررة وظواهر بالغة الشدة، بما في ذلك موجات الجفاف التي تؤدي إلى تفاقم شح المياه الشديد والأزمات الاقتصادية مع ارتفاع معدل التضخم في السلع الغذائية الأساسية. وفي حين تعد بعض بلدان المنطقة من كبار مصدري المنتجات الزراعية ومنتجات الطاقة، فإن بعضها الآخر يعتمد بشكل شبه كامل على الواردات، مما يشكل شبكة معقدة من أوجه الترابط والتداخل ومواطن الضعف النظامية في هذه المنطقة الحيوية.

تحديات البيانات في مشهدٍ يتسم بالتعقيد

على الرغم من الحاجة المتزايدة إلى بيانات آنية لإثراء عملية اتخاذ القرار، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان تواجه تحديات كبيرة في مراقبة الأمن الغذائي. ويعكس مشهد انعدام الأمن الغذائي في المنطقة، شأنه في ذلك شأن منظومة البيانات الخاصة بها، الصورة العالمية، والتي تتمثل في مجموعة متنوعة من المؤشرات المختلفة، التي يتم قياسها في أوقات مختلفة، باستخدام أنظمة مختلفة، مع القليل من التداخل. والنتيجة هي تجزؤ الفهم لتحدي انعدام الأمن الغذائي، مما يجعل التنسيق الإقليمي صعباً في أحسن الأحوال، أو مستحيلاً في أسوئها.

ولا تزال مصادر البيانات الرئيسية مثل مسوحات وفيات الأطفال والتغذية متقادمة أو غير متاحة لأكثر من عقد من الزمان في بعض البلدان. ويظهر مقياس الفاو للمعاناة من انعدام الأمن الغذائي، وهو معيار إرشادي يستخدم على نطاق واسع، فجوات كبيرة، لا سيما في البلدان المنخفضة الدخل، حيث ينتشر انعدام الأمن الغذائي. وفي عام 2022، أطلق البنك الدولي قاعدة بيانات آفاق الأمن الغذائي العالمي استجابة لهذه الحاجة. 

يتم تتبع الأزمات الغذائية وحالات الطوارئ من خلال التصنيف المرحلي المتكامل الذي يتسم بتغطية محدودة في المنطقة. وأدت الاضطرابات التي حدثت مؤخراً في أنظمة المراقبة الحيوية، مثل شبكة نظم الإنذار المبكر بالمجاعات (FEWSNET)، إلى زيادة تآكل قدرات الإنذار المبكر. كما تشكل القيود على البيانات معوقات خطيرة أمام التدخل الفعّال، مما  يحد من قدرة واضعي السياسات على طرح الرؤى والأفكار اللازمة للاستجابات الموجهة في وقتها المناسب.

وتزداد حدة هذه المشكلة بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، لأن عواقب انعدام الأمن الغذائي تنتقل بسرعة عبر الحدود من خلال ديناميكيات التجارة، وتدفقات اللاجئين، والضغوط الاقتصادية. وتتطلب الاستجابات المنسقة توافر بيانات قابلة للمقارنة، أي معايير مرجعية مشتركة يمكن الاسترشاد بها في اتخاذ إجراءات عابرة للحدود مع تمثيل أوجه التشابه والاختلاف الإقليمية بصورة دقيقة. فبدون صورة واضحة ومتسقة لحجم انعدام الأمن الغذائي وشدته وطبيعته في جميع أنحاء المنطقة، تضيع فرص التعاون وتتفاقم الأزمات.

وإدراكاً لهذا التحدي، تقدم الفرق المسؤولة عن إعداد التقرير الرئيسي المقبل للبنك الدولي عن الأمن الغذائي والتغذية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان (2026) مؤشراتٍ جديدة لزيادة توسيع نطاق مجموعة بيانات آفاق الأمن الغذائي العالمي. وهي مصممة لتحسين إمكانية المقارنة بين البلدان، إلى جانب تزويد واضعي السياسات بالمعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات على نحو استباقي ومتسق ومستند إلى الشواهد.

إضافة مؤشرات جديدة إلى تقرير آفاق الأمن الغذائي العالمي

لتعزيز مراقبة الأمن الغذائي وقابلية مقارن بياناته بين بلدان المنطقة، يتضمن تقرير آفاق الأمن الغذائي العالمي حالياً مؤشرين إضافيين مبتكرين، وهما:

1. متغير تمويل احتياجات السعرات الحرارية على المدى القصير

فيما مضى، كان البنك الدولي يقيس الاحتياجات من السعرات الحرارية على المدى القصير من خلال تقدير التكلفة السنوية لشبكات الأمان اللازمة لتلبية 25% من الحد الأدنى لاحتياجات الطاقة الغذائية للسكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، وذلك باتباع الأساليب التي استُخدِمت لأول مرة في العملية التاسعة عشرة لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية. وقد تم تطوير هذا المؤشر للتعبير عن هذه التكاليف كنسبة من إجمالي الناتج المحلي للبلد المعني. ويسلط هذا المؤشر المُعدَّل، الذي أنشئ بالتعاون مع الفريق المسؤول عن لوحة بيانات التحالف العالمي للأمن الغذائي، الضوءَ على التفاوتات الكبيرة. فعلى سبيل المثال، تمتلك الاقتصادات الكبيرة قدرات مالية لإدارة شبكات أمان واسعة على الرغم من إيواء عدد كبير من السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وفي المقابل، تسعى البلدان التي تواجه اضطرابات اقتصادية جاهدةً للحفاظ على الدعم المتواصل، مما يزيد من قابليتها للتأثر في مواجهة أزمات أعمق. وتساعد معرفة الوقت الذي يصل فيه العبء الاقتصادي لتوفير شبكات الأمان الأساسية إلى مستويات حرجة على تحديد الوقت الذي يجب أن تتحول فيه السياسات من الأهداف الداخلية إلى تأمين المعونة الخارجية. وعلى الصعيد العالمي، تبلغ هذه القيمة في المتوسط نحو 0.10% (عُشر في المائة) لكنها ترتفع في البلدان المنخفضة الدخل لتصل إلى 4%. 

 يمكنك استخدام هذه الأداة لاستكشاف البيانات الجديدة من خلال اختيار مؤشرات وبلدان مختلفة.

2. تقديرات متوافقة مع التصنيف المرحلي المتكامل (المرحلة 3+ والمرحلة 4+ من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)

يتضمن تقرير آفاق الأمن الغذائي العالمي الآن مخرجاتٍ متوافقةٍ مع التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي بالنسبة للبلدان والأطر الزمنية التي لا تتوفر فيها البيانات التقليدية لهذا التصنيف. ويتم إعداد هذه التقديرات من خلال نموذج انحدار بيتا غير الخطي الذي يربط بين التعلم الآلي والاستدلال الإحصائي.

ويوسع التنفيذ نطاقَ الإطار الأساسي لتقرير آفاق الأمن الغذائي العالمي الذي يستخدم خوارزمية تكعيبية - عبارة عن نموذج مجموعة قائم على شجرة اتخاذ القرار مع التقريب الخطي المحلي. ويُطبق انحدارُ بيتا تحولاً إضافياً غير خطي في مرحلة المخرجات النهائية لمطابقة التنبؤات على مقياس الفاو للمعاناة من انعدام الأمن الغذائي مع المقياس الموحد للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، مع الحفاظ على جميع افتراضات النموذج الأصلي وتعزيز تفسير التنبؤات. ومن الناحية العملية، يبقى نموذج التنبؤ الأساسي مطابقاً للنموذج الذي يُنتِج معدلات الانتشار الرئيسية في تقرير آفاق الأمن الغذائي العالمي، مع بقاء خطوةٍ واحدة فقط تتمثل في إعادة القياس النهائي لتحويل هذه المعدلات إلى مقياسٍ متوافق مع التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.

ومن المهم تفسير هذا التقدير على أنه يتتبع الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المتأثرة بالمرحلة 3 أو 4 من مراحل التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، وليس على أنه مجموع للأسر المعيشية في هاتين المرحلتين. ويتسق هذا التفسير مع التعريف المُستخدم في نافذة الاستجابة للأزمات التابعة لمؤسسة الدولية للتنمية لتحديد الأهلية للحصول على تمويل الاستجابة المبكرة، كما أنه يرتكز إلى إطار وقائي يهدف إلى التبكير بالاستجابات التي تستهدف الناس قبل وصولهم إلى حالة أزمة لا رجعة فيها. 

يحوّل هذا النهج التنبؤات التي تتراوح دقتها بين 95% و98% تقريباً على مقياس الفاو للمعاناة من انعدام الأمن الغذائي إلى دقة تصل إلى نحو 70% (R²) على مقياس التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي. ويوفر الناتج المتوافق مع التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي متوسطات متحركة لمدة 3 سنوات تكمل التقييمات التقليدية للتصنيف بمنظورات طويلة الأجل، مما يتيح إعداد توقعات تمتد لست سنوات قادمة أو العودة لتقييم فترات ما قبل التصنيف. وينشئ هذا أول تقدير شامل عالمياً على مقياس التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، كما يحدد بؤر أزمة الغذاء المتوقع استمرارها حتى عام 2030.

يمكنك استخدام هذه الأداة لاستكشاف البيانات الجديدة عبر البلدان من خلال اختيار فترات زمنية مختلفة.

تعزيز العمل باستخدام بيانات أفضل

سيقدم التقرير الرئيسي القادم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان حول الأمن الغذائي والتغذية، المقرر إصداره في ربيع عام 2026، تحليلاً أعمق وتوصيات خاصة بالسياسات لتوجيه متخذي القرار في المنطقة، بما في ذلك مذكرات منهجية مفصلة. وفي الوقت نفسه، نشجع المجتمع الدولي على استكشاف البيانات المتاحة واستخدامها الآن.

وتهدف هذه الأدوات المبتكرة إلى مساعدة البلدان في جميع أنحاء العالم على تقييم أوضاع الأمن الغذائي بدقة أكبر، وتخصيص الموارد بمزيد من الكفاءة، وتنسيق الإجراءات التدخلية العابرة للحدود. ومن خلال توفير بيانات آنية وقابلة للمقارنة، تسهم هذه الأدوات في تمكين الحكومات والشركاء الدوليين من الاستجابة بشكل استباقي للأزمات الناشئة وبناء القدرة على الصمود على المدى الطويل.

موارد إضافية للقراءة

1. أسباب أهمية تحسين مستوى بيانات الأمن الغذائي  
   تعرف على المزيد عن دور أنظمة البيانات الأفضل في مكافحة الجوع: خمس إحصائيات مثيرة للقلق عن الجوع في العالم (مدونة)

1. من البيانات إلى التأهب 
   شاهد كيف تساند هذه المبادرات العملَ والتخطيطَ المبكرين: خطط التأهب (يوتيوب)  

1. أحدث أعمالنا في مجال بيانات الأمن الغذائي 
   شاهد عرضاً عاماً لأحدث ابتكاراتنا في مجال البيانات: إعادة صياغة تحليلات الأمن الغذائي (يوتيوب)

يمكن الاطلاع على قاعدة البيانات الكاملة لآفاق الأمن الغذائي العالمي والمنهجية التفصيلية في مكتبة البيانات الجزئية التابعة للبنك الدولي على الموقع الإلكتروني:  https://doi.org/10.48529/ev5a-ke69

تم إعداد هذا العمل بدعم من الصندوق الاستئماني متعدد المانحين لأنظمة الغذاء 2030.