هذه هي المدونة الثالثة في سلسلة مدونات عن تقرير البنك الدولي الرئيسي الصادر بعنوان الجاهزية لأنشطة الأعمال (B-READY)، الذي يقيم بيئة الأعمال العالمية. المدونة الأولى، بعنوان "بيانات من أجل الإصلاحات: الاستفادة من تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال لعام 2024 لتعزيز بيئات الأعمال ــ قدمت هذه المدونة إرشادات حول كيفية التصفح بفعالية في بيانات التقرير والاستفادة منها لتعزيز بيئات الأعمال؛ والمدونة الثانية بعنوان الشفافية المستندة إلى البيانات: الحاجة إلى تسهيل وصول الشركات إلى القوانين واللوائح توضح أهمية الشفافية لازدهار الشركات.
تؤدي قوانين الحد الأدنى للأجور دوراً بالغ الأهمية في معالجة تشوهات سوق العمل، وضمان عدالة الأجور، وتعزيز التنمية الاقتصادية من خلال الحد من الفقروعدم المساواة. فبالنسبة لمنشآت الأعمال، تُعتبر القوى العاملة عاملاً حيوياً من عوامل الإنتاج. ويوضح تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال (B-READY) أن لوائح العمل المتوازنة تعود بالنفع على الشركات والعمال على حد سواء، كما هو مبين في دليل المنهجية وعلى موقع التقرير B-READY الإلكتروني. وتركز هذه المدونة على جانب واحد من موضوع القوى العاملة الأوسع نطاقاً: كيفية دمج الحد الأدنى للأجور في منهجية التقرير B-READY، وتقديم رؤى تتناول الاستفسارات الشائعة لدى أصحاب المصلحة.
ووفق الهيكل العام للتقرير B-READY، يتكون موضوع القوى العاملة من ثلاث ركائز: تقيس الركيزة الأولى جودة لوائح العمل، وتُقيّم الركيزة الثانية مدى كفاية الخدمات العامة للعمالة، وتركز الركيزة الثالثة على الكفاءة التشغيلية للوائح العمل والخدمات العامة في الواقع العملي. وتتضمن الركيزة الأولى لوائح بشأن الحد الأدنى للأجور، في إطار فئتين. الأولى - أوضاع العمال – التي تركز على وجهة نظر العامل من خلال قياس أربع سمات للحد الأدنى للأجور: (1) وجود حد أدنى للأجور في القطاع الخاص؛ (2) معايير تحديد مستوى الحد الأدنى للأجور؛ (3) عملية تحديث الحد الأدنى للأجور؛ و(4) التشاور الاجتماعي لوضع الحد الأدنى للأجور أو تحديده. الفئة الثانية – القيود على التشغيل وتكلفته – التي تقيس معدل الحد الأدنى للأجور من وجهة نظر الشركات. وتحمل تدابير حماية العمال الأربعة (المصنفة كمزايا رعاية اجتماعية) نفس وزن مقياس مرونة الشركات لمعدل الحد الأدنى للأجور (الشكل 1).
الشكل 1: نهج متوازن عند قياس سياسات الحد الأدنى للأجور
ترتكز مؤشرات الحد الأدنى للأجور على المعايير والممارسات المعترف بها دولياً، التي تؤكد على أنظمة الحد الأدنى للأجور العادلة والمستدامة.
- تتناول الفئة الفرعية سمات الحد الأدنى للأجور من منظور العمال. وقد صُمِّمَت هذه الفئة الفرعية استنادا إلى اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن تحديد الحد الأدنى للأجور، 1970 (رقم 131) والتوصية بشأن تحديد الحد الأدنى للأجور، 1970 (رقم 135)، بالإضافة إلى صكوك أخرى ذات صلة صادرة عن المنظمة، حيث تقيس القوانين واللوائح التي تنظم عملية تحديد الحد الأدنى للأجور، بما في ذلك مراعاة العوامل الاقتصادية، وأهمية الحوار الاجتماعي، وعملية التحديث الدورية.
- ترصد الفئة الفرعية معدل الحد الأدنى للأجور من منظور أصحاب العمل (الشركات)، مع مراعاة ما جاء في اتفاقية منظمة العمل الدولية وتوصيتها المذكورتين أعلاه، وغيرهما من صكوك منظمة العمل الدولية ذات الصلة بشأن الأجور، فضلاً عما ورد في الأدبيات والدراسات والمشاورات مع الخبراء بشأن المستوى المناسب للحد الأدنى للأجور لتنمية القطاع الخاص. وتنطلق من افتراض أن الحد الأدنى للأجور قد يؤثر على ربحية الشركات وإنتاجيتها وإدارة القوى العاملة بها.
درجة الحد الأدنى للأجور في تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال
أجرى فريق التقرير تحليلاً لمستويات الحد الأدنى للأجور من منظور تنمية القطاع الخاص. (الموجز قيد الإصدار). ويعتبر الأكاديميون البارزون الذين استشارهم فريق عمل التقرير، فضلاً عن الأدبيات والدراسات، أن نسبة الحد الأدنى للأجور إلى الأجر الوسيط هي المقياس الأفضل لتقييم مدى ملاءمة الحد الأدنى للأجور. ومع ذلك، فإن البيانات عن الأجور الوسيطة شحيحة ولا يتم تحديثها سنوياً، وبالتالي استخدم الفريق نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي لتحديد نسبة الحد الأدنى للأجور إلى نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. ويجب موازنة النسبة بعناية، لأن تحديدها بمستوى مرتفع للغاية أو منخفض للغاية قد ينتج عنه آثار سلبية. فإذا تم تحديد الحد الأدنى للأجور بمستوى مرتفع للغاية، قد يعجز أصحاب العمل عن الوفاء به، مما يتسبب في جمود سوق العمل وإحجام الشركات عن التوظيف، بما في ذلك ما قد يحدث في القطاع الرسمي، الأمر الذي يزيد من التوجه إلى القطاع غير الرسمي، لا سيما بين الشرائح التي تحتاج بشدة إلى العمل. ومن ناحية أخرى، إذا تم تحديد النسبة بمستوى منخفض للغاية، فقد يسهم ذلك في زيادة الفقر، وعدم المساواة، إلى جانب انخفاض الإنتاجية؛ وبالتالي، ضعف النمو الاقتصادي.
بعد ذلك يتم تحويل النسبة باستخدام دالة التوزيع التراكمي، لتعيين درجات التقدير بناءً على هذه النسبة. ونجد أن الاقتصادات التي تقل نسبتها عن الشريحة المئينية الخامسة (19.45) حصلت على درجة 100، أما البلدان التي تزيد نسبتها على الشريحة المئينية الخامسة والتسعين (161.03) فحصلت على صفر. وفي تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال B-READY لعام 2024، تقل النسبة في نصف الاقتصادات عن 50، حيث سجلت معدل درجات بلغ نحو 90 أو أعلى (الشكل 2).
الشكل 2. منحنى احتساب الدرجة لنسبة الحد الأدنى للأجور إلى الناتج المحلي الإجمالي
دراسة 3 سياقات قُطرية مختلفة (الجدول 1):
السيناريو ألف: بالنسبة للبلدان التي ليس لديها حد أدنى للأجور، تكون درجة الفئة الفرعية "سمات الحد الأدنى للأجور" صفراً نظراً لعدم وجود حماية للعاملين. ومع ذلك، فإن غياب الحد الأدنى للأجور يقلل من العبء التنظيمي على منشآت الأعمال، مما يؤدي إلى الحصول على أعلى درجة في الفئة الفرعية: معدل الحد الأدنى للأجور .
السيناريو باء: تسجل البلدان التي لديها سياسات قوية بشأن تحديد الحد الأدنى للأجور درجات جيدة في الفئة الفرعية: سمات الحد الأدنى للأجور، ولكنها قد تحصل على درجات أقل في الفئة الفرعية: معدل الحد الأدنى للأجور إذا كان معدل الحد الأدنى للأجور مرتفعاً نسبياً.
السيناريو جيم: للحصول على درجات عالية في الفئتين الفرعيتين، يجب على أي بلد أن يضع حداً أدنى للأجور من خلال التشاور الاجتماعي وأن يكون لديه عملية تحديث دورية تستند إلى معايير واضحة. وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون مستوى الأجور مستداماً لمنشآت الأعمال والشركات، مما يسمح لها بالعمل دون اللجوء إلى تسريح العمالة، وهو ما يمكن أن يضر بمستويات التشغيل (التوظيف) ويزيد من العمل في القطاع غير الرسمي.
الجدول 1. أمثلة على الدرجات
المصدر: تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال
يقدم التقرير نهجاً جديداً لتقييم بيئة الأعمال من خلال الموازنة بين التحديات التي تواجه أصحاب العمل ورفاهية العمال، كما يقدم لواضعي السياسات ببيانات ورؤى لوضع سياسات عمالية تعزز إنتاجية الشركات مع ضمان حماية العمال وشمولهم.
انضم إلى النقاش