نشر في أصوات

الإدارة الضريبية الفعالة ضرورة لتعزيز النمو وخلق فرص العمل

الصفحة متوفرة باللغة:
الإدارة الضريبية الفعالة ضرورة لتعزيز النمو وخلق فرص العمل المصدر: كانفا

تؤدي إدارة الضرائب دوراً حيوياً في دفع عجلة النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. والأنظمة الضريبية الفعالة والشفافة والعادلة تؤدي إلى تعزيز التوسع في النشاط التجاري، وتشجيع تقنين أوضاع الشركات، وتوليد إيرادات لصالح الاستثمار العام.  لكن الإدارة الضريبية غير الفعالة تتسب في إعاقة نمو النشاط التجاري وتثبيط الاستثمار. ويمكن أن يؤدي تحسين الإدارة الضريبية إلى فتح الآفاق أمام فرص العمل من خلال أربع قنوات رئيسية، ألا وهي: زيادة الاستثمارات التي تستهدف رفع معدلات النمو، وخفض تكاليف الامتثال الضريبي لمنشآت الأعمال، وتشجيع تقنين أوضاعها، وتعزيز ثقة المستثمرين. 

الشكل 1: يرتبط تحسين مستوى تنظيم الضرائب وإدارتها وتطبيقها (درجة التصنيف على مؤشر الضرائب في "تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال" للبنك الدولي) بارتفاع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وإنتاجية العمالة، وانخفاض مستوى النشاط غير الرسمي

الشكل 1: يرتبط تحسين مستوى تنظيم الضرائب وإدارتها وتطبيقها بارتفاع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي

 

توسيع الحيز المتاح في المالية العامة لخلق فرص العمل

تؤدي الإدارة الضريبية الفعالة إلى تعزيز تعبئة الموارد المحلية، مما يتيح للحكومات القدرة على الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والخدمات الاجتماعية - وهي عوامل أساسية لدفع عجلة النمو وزيادة معدلات التشغيل. وتفتح زيادة الإيرادات الضريبية الطريق أمام إقامة المشروعات العامة واسعة النطاق، مثل بناء الطرق، التي تدعم النمو الاقتصادي وتخلق فرص عمل فورية، بينما يحقق الاستثمار في رأس المال البشري منافع اقتصادية طويلة الأجل.

وتظهر الشواهد والأدلة الحديثة أن تعزيز الكفاءة الداخلية- من خلال تحسين إدارة الموارد البشرية، وتسجيل ممولي الضرائب، وآليات الامتثال الطوعي، وتطبيق قانون الضرائب - يؤدي إلى تمكين إدارات الضرائب من تحقيق إيرادات إضافية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد اعتمدت العديد من إدارات الضرائب حلولاً رقمية مثل تقديم الإقرارات الضريبية عبر الإنترنت والمدفوعات الإلكترونية واستخدام تحليلات البيانات لتحسين مستوى الكفاءة والامتثال، مما أدى إلى زيادة في تحصيل الإيرادات. 

خفض تكاليف الامتثال لدعم توسع أنشطة الأعمال

غالباً ما يتسبب ارتفاع تكاليف الامتثال وتعقيد اللوائح الضريبية في إعاقة إنتاجية الأعمال ونموها، مما يحد من قدرتها على خلق فرص العمل. ويؤدي تبسيط الامتثال الضريبي - من خلال الرقمنة وتبسيط الإجراءات - إلى تخفيف الأعباء الإدارية وتمكين الشركات من تخصيص المزيد من مواردها للابتكار والتوسع. كما يؤدي توفير إرشادات ضريبية واضحة إلى تحسين الامتثال وخفض التكاليف في الوقت نفسه. كما أدت النظم الرقمية لتقديم الإقرارات الضريبية، والفواتير الإلكترونية، والربط الضريبي الآلي إلى تحسين معدلات الامتثال  بشكل كبير وخفض تكاليف الامتثال  لممولي الضرائب. ومن خلال الاستفادة من هذه الأدوات، يمكن للحكومات توسيع الحيز المتاح في المالية العامة دون إثقال كاهل الشركات، وبالتالي تعزيز بيئة داعمة لتحقيق النمو وتشغيل العمالة.

تشجيع تقنين أوضاع الشركات من أجل التشغيل المستدام

توجد نسبة كبيرة من العمالة في القطاع غير الرسمي في العديد من الاقتصادات النامية، حيث تعمل الشركات بعيداً عن الأطر واللوائح التنظيمية. ورغم أن هذه الشركات توفر فرصاً لتحقيق الدخل، فهي غالباً ما تفتقر إلى الاستقرار والحماية الاجتماعية وفرص الحصول على التمويل، مما يحد من إمكانات نموها. علاوة على ذلك، وعندما تنتقل الشركات من الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي، فإنها تصبح قادرة على الحصول على الائتمان، والمشاركة في المشتريات الحكومية، والاندماج في سلاسل الإمداد الرسمية.  إن تشجيع الامتثال الضريبي بتبسيط الإجراءات وتحسين الخدمات المقدمة للممولين وتعريفهم بالمنافع بشكل واضح - مثل منافع استخدام أدوات الضرائب الرقمية - يؤدي إلى تعزيز انضمامهم إلى الاقتصاد الرسمي. 

فعلى سبيل المثال، في 29 بلداً من البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أدى خفض بواقع 10% في الأعباء الإدارية الضريبية إلى زيادة بواقع 4% في المعدلات السنوية لتأسيس الشركات. وتظهر الشواهد والأدلة المستمدة من النظام الوطني لتبسيط الضرائب وخفضها على الشركات في البرازيل أن تبسيط الأنظمة الضريبية المطبقة على منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة شجع على تسجيل الشركات، وأدى إلى زيادة كلٍ من الإيرادات الضريبية ومعدلات التشغيل والاشتراكات في أنظمة الضمان الاجتماعي.

تعزيز ثقة المستثمرين لتحفيز خلق فرص العمل

يسهم التطبيق الشفاف والقابل للتنبؤ لقانون الضرائب في تعزيز البيئة الداعمة لأنشطة الأعمال، حيث يحد من عدم اليقين بشأنها. فدائماً ما يسعى المستثمرون إلى العمل في إطار أنظمة ضريبية مستقرة وعادلة تكافئ على الامتثال وتوزع الأعباء الضريبية بصورة متساوية. أما ضعف التطبيق- مثل الانتقائية في أعمال المراجعة والفحص الضريبي، أو عدم وضوح آليات تسوية المنازعات الضريبية، أو فرض عقوبات تعسفية - فيؤدي إلى تقويض ثقة المستثمرين وإحجامهم عن الاستثمار.

ويمكن للحكومات بناء ثقة المستثمرين بضمان ممارسات عادلة في تطبيق القانون، والحفاظ على الشفافية، وتنفيذ أعمال المراجعة والفحص الضريبي القائمة على المخاطر. ويتعين على الإدارة الضريبية الفعالة أن تعطي الأولوية لتدابير بناء الثقة، مثل الإفصاح الواضح عن الالتزامات الضريبية وآليات تسوية المنازعات التي يمكن اللجوء إليها. وعندما تجد الشركات أن الأنظمة الضريبية تُطبق بشكل عادل على الجميع وأنها تحقق مصالح متبادلة، بحيث تتحول إيراداتها بوضوح إلى خدمات عامة عالية الجودة، فمن المرجح أن تقوم بتنفيذ استثماراتها وتوسيع أنشطتها، وبالتالي الإسهام في توفير فرص العمل.

خاتمة

تُعد الإدارة الضريبية الفعالة أداة قوية لخلق فرص العمل. فمن خلال زيادة معدلات تحصيل الإيرادات، وخفض تكاليف الامتثال، ودعم تقنين أوضاع الشركات، وتعزيز ثقة المستثمرين، يمكن للحكومات تهيئة بيئة تزدهر فيها أنشطة الاعمال وتنمو فيها فرص العمل. كما يعد التحول الرقمي، والتطبيق الشفاف لقانون الضرائب، وتبسيط الإجراءات الضريبية عوامل أساسية في تعظيم هذه المنافع. ومع تطور الاقتصادات، يتعين على الإدارات الضريبية أن تتكيف مع التغير والتطور التكنولوجي في نماذج الأعمال، بما يضمن بقاء الإصلاحات فعالة ومنصفة وموجهة نحو النمو. ولا يقتصر تعزيز الإدارة الضريبية على زيادة الإيرادات فحسب، بل يتعلق أيضاً ببناء اقتصاد أكثر ديناميكية وشمولاً، بحيث يتيح للشركات والعمال تحقيق ما ينشدونه من نجاح.


فايت آنه نغوين

أخصائي أول في شؤون القطاع العام في قطاع الممارسات العالمية للحوكمة بمجموعة البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000