الكلمة الرئيسية التي أُلقيت في مؤتمر البنك الدولي السنوي المعني باقتصاديات التنمية لعام 2025، والذي عُقد في 22 يوليو/تموز 2025
مقدمة
إنه لمن دواعي سروري وشرفي العظيم أن ألتقي مجدداً بفريق البنك الدولي، وأن أرحب بهذا الحضور الكريم من الوجوه المألوفة، من الأصدقاء والزملاء والمعارف. وأخص بالشكر والتقدير إندرميت جيل، وراشيل غلينرستر، وداني كواه، على إتاحة هذه الفرصة العظيمة التي تجمعنا اليوم، لأتشارك معكم بعض الرؤى حول أفضل السُبل التي تمكّن البلدان النامية من التعامل مع بيئة خارجية معقدة وحافلة بالتحديات، مع تسليط الضوء على بعض المفارقات الاقتصادية العالمية المثيرة للاهتمام.
لقد كانت هذه اللحظة بالنسبة لي ذات وقع خاص، إذ منحتني فرصة استحضار شرف العمل مع السيد ستان فيشر، لا سيمّا خلال فترة عمله "كمستشار" عقب انضمامه إلى صندوق النقد الدولي نائباً أول للمدير العام، لقد تعلمت من ستان الكثير؛ ليس فقط بفضل قدراته التحليلية الفريدة، بل أيضاً لامتلاكه مهارات تواصل استثنائية، كما كان الجانب الإنساني في عمله جديراً بكل تقدير وإعجاب، وقد انعكس ذلك بوضوح في تعامله مع القضايا القُطرية لفرادى البلدان، وسعيه الدؤوب نحو إحلال سلام شامل وعادل ومستدام في الشرق الأوسط، فضلاً عن إسهاماته البارزة في تطوير النظام الاقتصادي العالمي.
لكن الأهم من ذلك، أن ستان لم يوظّف ذكاءه أو فكره اللامع والمتميز يوماً للحط من شأن الآخرين أو التقليل من قيمة أفكارهم، بل كان هذا الذكاء جسراً لدعم من حوله، ليفتح أمامهم آفاق أوسع للنمو والنجاح. وأنا، ككثيرين هنا وفي أماكن أخرى، كنت من المستفيدين من هذا الذكاء اللامع، وأشعر اليوم بثقل غياب صداقته.
هذا الشهر، وجدتني أستعيد لحظة فارقة مرّ عليها أربعة وأربعون عاماً، حين وطأت قدماي لأول مرة عتبات هذه المؤسسة، شاباً يافعاً جاء متدرباً صيفياً، لم يكن ذلك الصيف محطة عابرة بحثاً عن دخل إضافي، بل منعطفاً فارقاً قادني لإتمام رسالة الدكتوراه، ومرحلة من الاكتشاف الفكري العميق، وبناء صداقات نسجت خيوطها لتبقى مدى العمر، في أروقة مؤسسة لم أملك — حتى ذلك الحين — سوى الإعجاب بها من بعيد، كانت تلك التجربة نافذتي الأولى على الكيفية التي يمكن لمؤسسة كهذه، بالتعاون مع شقيقتها المقابلة على الطرف الآخر من الشارع، أن تمد يد العون للبلدان النامية في مواجهة التحديات المعقدة ومتعددة الأوجه للفقر وعدم المساواة، وأن تطلق العنان لقدرات كامنة لم تُستثمر بعد.
لكن المرحلة التي أعقبت مباشرة فترة تدريبي حملت معها الكثير لبلدان العالم النامية. ففي العام التالي، وبينما كنت أتدرّب في صندوق النقد الدولي على الجهة المقابلة من الشارع، وجدت نفسي في الصف الأمامي لمشهد تاريخي بالغ الأثر: إعلان المكسيك عجزها عن سداد ديونها. ويتفق المؤرخون الاقتصاديون اليوم على أن تلك اللحظة كانت أليمة حيث أُعلن فيها ما عُرف لاحقاً بـ"العقد الضائع" في أمريكا اللاتينية خلال ثمانينيات القرن الماضي، ومع أن المشهد بدا حينها كسلسلة من عمليات إعادة هيكلة الديون الكبرى، فإن ما تكشّف لاحقاً كان أعمق وأكثر تعقيداً؛ إذ لم يقتصر على تخفيف أعباء ثقيلة للديون استنزفت الموارد الوطنية، وجرفتها بعيداً عن الاستثمارات الحيوية والقطاعات الاجتماعية الأساسية، بل ترك أثر أعمق تمثّل في تقويض إمكانات النمو على مختلف المستويات.
الأهم أن تلك الحقبة شهدت بزوغ ثورة هادئة، عميقة الأثر، أعادت تشكيل السياسات المحلية في العديد من البلدان النامية، ففي عدد متزايد منها، فتحت هذه الثورة آفاقاً أوسع لتسخير القوة الهائلة للعولمة، وتحويلها إلى طاقة دافعة تحفّز محركات النمو وتدعم التنمية الداخلية الملموسة على أرض الواقع.
لكن المشهد العالمي اليوم قد تغيّر جذرياً، فما كان بالأمس بيئة خصبة للنمو في نظر كثير من البلدان النامية، أصبح اليوم مساراً محفوفاً بالتحديات، وبدلاً من أن تشكل البيئة الدولية حافزاً للتطورات الداخلية الإيجابية، تحوّلت إلى مصدر دائم للصدمات السلبية المتلاحقة.
إننا اليوم نشهد مرحلة عالمية تتسم بتباطؤ النمو الاقتصادي، وتسارع وتيرة تجزؤ سلاسل الإمداد، وزيادة الضبابية وانعدام اليقين، وتقلبات حادة في أنظمة التعريفات الجمركية، وتراجع ملحوظ في تدفقات المعونات، وانكماش غير متوقع في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلاً عن اضطرابات متلاحقة في أسواق السندات الدولية. لذا، من الطبيعي أن ينصبّ اهتمامنا وجهودنا جميعاً على معرفة أسباب هذه الصدمات السلبية العميقة وفهم تداعياتها. وهذه القراءة التحليلية الفورية هي أساس فهم الواقع الراهن. ومع ذلك، لا ينبغي أن نقف عند هذا الحد، بل لابد أن نوسع منظورنا ليشمل مسارين متكاملين:
المسار الأول هو أن ندرك أن هذه الصدمات ليست وقائع أحداثاً منفصلة، بل عوامل مُسرّعة عمّقت نقاط الضعف الهيكلية التي تراكمت في النظام العالمي على مدى عقود، أما المسار الثاني فيحمل بين طياته بصيص أمل، إذ يدعونا إلى استكشاف الفرص التي كثيراً ما تلوح في الأفق، على نحو غير متوقع، من قلب المخاوف والاضطرابات.
وهذا المنظور المزدوج— فهم مسرعات التغيير واغتنام الفرص — هو ما أطمح إلى طرحه ومناقشته معكم اليوم. وحديثي معكم اليوم سيتناول ما يلي:
أولاً: عرض موجز للتغيرات العميقة التي يشهدها النظام الاقتصادي والمالي العالمي، مع تسليط الضوء على التحديات التي يفرضها هذا التقلب الناتج عن السياسات، وهي السيولة الكبيرة في مجموعة كاملة من العلاقات والمعايير التي كان يُنظر إليها، حتى وقت قريب، على أنها معايير مستقرة، لا متغيرات يصعب التنبؤ بها.
ثانياً: التوقف عند المخاطر المحدقة بالعالم النامي إذا ما أخفق في اتخاذ خطوات حاسمة على مستوى 4 محاور رئيسية: أولاً: تعزيز آليات التأمين الذاتي وبناء قدرة صلبة على الصمود أمام الصدمات الخارجية. ثانياً: الانخراط الفاعل كركيزة أساسية في النظام الدولي المتغير والمتطور. ثالثاً: حسن استغلال الفرص الجديدة لتجديد نماذج النمو التي لم تعد قادرة على مواكبة الواقع الجديد، وتعزيز القطاعات الاجتماعية الحيوية، خاصة الصحة والتعليم. ورابعاً: تبني نهج أكثر دقة واستدامة لإدارة الثروات في البلدان التي تمتلك أصولاً أجنبية كبيرة، ضماناً لحقوق الأجيال القادمة.
وأخيراً. سنتوقف عند الدور المحوري للمؤسسات متعددة الأطراف، باعتبارها محرك رئيسي في دعم البلدان النامية لمواجهة مشهد عالمي يزداد تعقيداً وتقلباً.
السياق العام
على مدار معظم فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، شكّل النظام الاقتصادي والمالي العالمي، في جوهره، تصوراً قائماً على نموذج مركزي يقوم على التمييز بين "المركز" المتمثل في البلدان الغنية، و"الأطراف" التي تمثل غالبية البلدان الأخرى. وقد ارتكز هذا النظام المركزي بشكل رئيسي على الولايات المتحدة، التي قدّمت سلسلة من سلع النفع العامة العالمية الحيوية، من بينها الضمانات الأمنية، والممرات البحرية المفتوحة، وعملتها التي تمثل الاحتياطي العالمي، ولم تقتصر الولايات المتحدة على هذه الأدوار فحسب، بل حققت بسبب مكانة أسواقها المالية الفريدة والطلب العالمي المتواصل على عملتها، عوائد اقتصادية ضخمة، ما منحها نفوذاً استثنائياً في توجيه صنع القرار داخل المؤسسات الدولية الكبرى متعددة الأطراف. وكان هذا النظام يُنظر إليه كركيزة التوازن الحيوي بين الاستقرار العالمي، وآلية فعّالة لامتصاص الصدمات الناجمة عن الاضطرابات الخارجية، وقوة تدخل سريعة لمعالجة الأزمات فور نشوبها. واعتمدت بلدان العالم على الولايات المتحدة لتوفير آليات حاسمة تمنع انتشار الأزمات المالية والاقتصادية المحلية، وتحولها إلى أوبئة شاملة تهدد الاقتصاد العالمي بأكمله.
ظل هذا التصور سائداً لفترة طويلة، مستنداً إلى فهم مشترك وواضح للقواعد والمعايير، حيث تجسّد الهدف الأساسي وهو الطموح العالمي المشترك في تحقيق تقارب تدريجي يؤدي إلى اقتصاد عالمي ونظام مالي أكثر تكاملاً واستقراراً من أجل آفاق جديدة تحقق الازدهار والرفاهية للجميع، ومن هذا المسار، هناك سردية مشتركة، تحكي قصة تكامل تدريجي يمهّد الطريق لرخاء جماعي وشامل.
ومع ذلك، لم يكن هذا النموذج محصناً من عوامل تقويض جوهرية وقوية، كان من أبرزها: أولاً، غياب الاهتمام الكافي بتداعيات النواتج التوزيعية السلبية، التي ساهمت بطبيعتها في زعزعة الاستقرار، مما أدى إلى تكرار موجات من الإقصاء والتهميش بين الفئات ذات النفوذ السياسي في المجتمع، وهو ما أسفر عن تحول جوهري، إذ أصبح الاقتصاد، الذي ظل لعقود المؤثر الرئيسي في السياسة، اليوم خاضعاً لتأثيراتها.
ثانياًَ، التحدي العميق المتمثل في محدودية قدرة البلدان النامية الكبرى، وعلى رأسها الصين التي تشهد توسعاً سريعاً ونجاحات متزايدة، على الاندماج الكامل في التصور التقليدي للنظام الاقتصادي العالمي، حيث شكّل الهيكل البنيوي الذي مكّن الصين من تحقيق نمو اقتصادي مذهل تحدياً فريداً وغير مسبوق للنظام القائم، فرغم ضخامة اقتصادها من حيث القيمة المطلقة، لا يزال نصيب الفرد من الدخل منخفضاً نسبياً وإن كان في تحسن سريع، مما أدى إلى تعارض سلبي بين أولويات التنمية المحلية العاجلة في الصين — المرتكزة غالباً على النمو المدفوع بالصادرات والتوسع الصناعي — وما يُتوقع منها على الصعيد العالمي، من مسؤوليات تشمل تحرير الأسواق، وحماية الملكية الفكرية، والإشراف البيئي.
وأود التشديد أنه كلما تأخرت الصين في تحديث نموذج نموها جذرياً، ازداد الاختلال وتفاقمت مخاطر زعزعة الاستقرار، وفي الوقت نفسه، لم تعد الأسواق العالمية قادرة على استيعاب حجم الصادرات الصينية المتزايد دون ضغوط ملحوظة، ما أسهم في خلق توترات لم تستطع هياكل الحوكمة العالمية القائمة احتوائها، ولا تزال عاجزة حتى اليوم.
ثالثاً، طرأت تطورات متسارعة حوّلت الولايات المتحدة من مصدر استقرار موثوق إلى مصدر غير متوقع وأحياناً مباشر للصدمات الاقتصادية التي تهز أسواق العالم، فقد انطلقت الأزمة المالية العالمية عام 2008 من الولايات المتحدة، التي كانت محور الأزمة المالية الأساسية. كما شهدت الفترة من 2017 إلى 2019 تصاعداً في استخدام التعريفات الجمركية كأداة ضغط تجارية، فضلاً عن الاعتماد على العقوبات المرتبطة بأنظمة الدفع. وبالمثل، أدى الإخفاق في ضمان توزيع عادل ومنصف للقاحات كورونا خلال 2021-2022 إلى تقويض الثقة في آليات التنسيق والتعاون على المستوى الدولي خلال أزمات الصحة العامة الطارئة. وفي عام 2025، شهد العالم تصاعداً في استخدام نظام الرسوم الجمركية كأداة ضغط، وتفكيك أنظمة المساعدات الدولية الراسخة، واستمرار تجاهل الأزمات الإنسانية المأساوية، مصحوباً بانتهاكات متكررة للقانون الدولي.
لقد أدت هذه الممارسات إلى تراجع ملموس في مستوى الثقة فيما كان يعتبره العالم القطب الرئيسي لاستقراره والتنبؤ بما سيقوم به. وبحكم طبيعته وتصميمه، لم يكن نموذج المركز والأطراف التقليدي مهيأً، بل لم ينشأ أصلاً، لاستيعاب مركز يتسم بازدياد التعقيد وصعوبة التنبؤ به، ويشكّل مصدراً متجدداً لتقلبات النظام العالمي الناتجة عن السياسات المتغيرة، ومع ذلك، لا يتوفر بديل قوي أو جاهز للولايات المتحدة في مركز هذا النظام العالمي المعقد، فضلاً عن أن "المسارات" البديلة التي أوجدتها بعض البلدان حول المركز لا تزال غير كافية لتشكيل بديل شامل ومتكامل.
إن ما كان يُبنى في السابق على مبادئ مقبولة عالمياً وأعراف متوقعة، أصبح اليوم في حالة تغير مستمر— إنها رحلة مليئة بالتحديات نحو وجهة غير واضحة المعالم، فمعظم البلدان، في هذه الرحلة المجهولة، تواجه صعوبة بالغة في التنبؤ بما تحمله المرحلة المقبلة من تقلبات ناجمة عن سياسات صادرة عن المركز (قطب العالم).
وفي عدد متزايد من الحالات، تتعرض القدرة على الاستجابة لضغوط كبيرة، نتيجة لتراجع ملموس في مستويات القدرة على الصمود من حيث الموارد البشرية والمالية، مما يقيد القدرة على امتصاص الصدمات والتعامل معها بفاعلية. وهناك عدد كبير من البلدان النامية، هذا هو واقعها الجديد: عالم يشهد تباطؤاً في النمو العالمي، وتعقيداً متزايداً في سلاسل الإمداد، وتراجعاً ملحوظاً في تدفقات المعونات، فضلاً عن موجات متكررة من عدم الاستقرار المالي، وتراجعاً في إمكانية التنبؤ بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتصاعداً ملحوظاً في درجات عدم اليقين في الأسواق الخارجية، إنه عالم يتسم بتزايد الفجوات الاقتصادية، سواء داخل البلدان أو بينها على المستوى الدولي.
وهذا الانعكاس اللافت في الأدوار — المعروف اليوم في أوساط الأسواق المالية بمفهوم "تحول الأسواق المتقدمة إلى أسواق صاعدة" — حيث بدأت الأسواق المتقدمة تتخذ خصائص الأسواق الصاعدة، يشكل مؤشراً مقلقاً، ويكفي أن تتأمل مدى شيوع استخدام العبارات التالية اليوم لوصف تطورات لا تحدث في بلد نامٍ يواجه تحديات، بل في القطب الأوحد للعالم، الولايات المتحدة مثل: "استخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط لتحقيق أهداف متضاربة"، و"سياسة مالية غير مسؤولة"، و"الهيمنة التدريجية للمالية العامة"، و"تهديدات لاستقلالية البنك المركزي".
ومع أن هذا التحول في الأدوار يثير قلقاً بالغاً، لم يكن التطور الوحيد غير المألوف الذي شهدناه مؤخراً. فقد نجحت غالبية البلدان النامية، في تفادي أزمة اقتصادية حادة هذه المرة، رغم أن الولايات المتحدة— المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي— شهدت أزمة اقتصادية عميقة تتجاوز مجرد اضطراب مؤقت. ولقد كانت التحسينات التي تحققت بجهود مضنية في السياسات، والإصلاحات المؤسسية، وتعزيز أُطر الاقتصاد الكلي التي نفذتها العديد من البلدان النامية خلال العقود الماضية، هي التي مكنت هذه البلدان إلى حد كبير من تجاوز تلك التحديات المعقدة.
استشراف آفاق المستقبل
بطبيعة الحال، لا يمكن تعميم التجربة الجماعية للبلدان النامية على كل بلد بمفرده بشكل موحّد، كما أن النجاح في الماضي لا يضمن بالضرورة استمرار النجاح في المستقبل. وفي هذا السياق، يتعين على صناع السياسات تكثيف جهودهم وتركيزها في 4 مجالات محورية وأساسية، استعداداً لأي تقلبات مستقبلية محتملة ناتجة عن سياسات خارجية متغيرة.
الخطوة الأساسية والأكثر أهمية هي مواصلة تعزيز آليات التأمين الذاتي، التي تقوم على تقليص نطاق الصدمات الخارجية بشكل منهجي، لما تسببه من سلسلة متتابعة من ردود الفعل الاقتصادية والمالية المحلية التي تُزعزع الاستقرار. ويتجاوز هذا الأمر مجرد الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وهو أساس النمو، إلى معالجة مواطن الضعف الهيكلية والمالية المتراكمة على المدى الطويل، مثل ضعف تطور الأسواق المالية، وهشاشة الأُطر التنظيمية، وضعف الحوكمة، مع استثمار الفرصة المتاحة من خلال "الحماية المؤقتة" التي توفرها الظروف العالمية المعترف بها على نطاق واسع، رغم التحديات والصعوبات التي قد تنطوي عليها أحياناً. وتُعد هذه الصلابة والقدرة على الصمود ضرورة قصوى لاستثمار العديد من "الجوانب الإيجابية" التي أؤكد وجودها رغم المخاوف السائدة، والتي سنناقشها بمزيد من التفصيل لاحقاً.
جدير بالاعتبار أن فرص تنفيذ هذه الإصلاحات تزداد على المدى القصير، لا سيمّا مع توقع تبني معظم البلدان المتقدمة سياسات تحفيزية غير تقليدية لإدارة الطلب، وينطبق ذلك بشكل خاص على الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن يستمر عجز المالية العامة في نطاق يتراوح بين 6 و8% من إجمالي الناتج المحلي لعدة سنوات قادمة، رغم انخفاض معدل البطالة إلى نحو 4%. ولم يشهد تاريخ الاقتصادات المتقدمة توجهاً توسعياً واسع النطاق في المالية العامة مماثلاً لهذا في هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية. ويبدو أن الولايات المتحدة على أعتاب سلسلة جديدة من تخفيضات أسعار الفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي.
ويُسهم هذا التداخل بين سياسة المالية العامة الميسرة والسياسة النقدية المتوقع أن تصبح أكثر تيسيراً في الولايات المتحدة في تعزيز الطلب. على غرار ذلك، تقود ألمانيا أوروبا في مسار نحو تيسير سياسة المالية العامة بأسلوب غير مسبوق منذ عقود، باستثناء فترات الأزمات الحادة مثل جائحة كورونا والأزمة المالية العالمية. ومن المتوقع أن يصاحب هذا التحفيز الكبير في برامج المالية العامة المزيد من التيسير النقدي من خلال خفض أسعار الفائدة من قِبل البنك المركزي الأوروبي.
هذا التحفيز المتكامل، رغم افتقاره إلى التنسيق الكامل، على جانب الطلب من الاقتصادات المتقدمة، يتيح فرصة مؤقتة لتعزيز الطلب العالمي، وبالتالي يمكن للبلدان النامية الاستفادة منه. ومع ذلك، يحمل هذا التحفيز الإيجابي للطلب الخارجي، والمدعوم بسياسات هادفة، مخاطر كبيرة. وقد تنحرف نتائجه الإيجابية بشكل جوهري في حال وقوع سلبيات اقتصادية أو مالية كبرى.
يكمن الخطر الأول في محدودية قدرة الأسواق على استيعاب الكميات الضخمة من إصدارات السندات من حكومات البلدان المتقدمة بانتظام. وفي حال تفاقم التحديات الاقتصادية أو المالية، فمن المؤكد أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع ملموس في أسعار الفائدة في الأسواق، مع انحدار أكثر حدة لمنحنى العائد. ولا يقتصر أثر ذلك على زيادة كبيرة في تكاليف الاقتراض بالنسبة للبلدان النامية فحسب، بل قد يعيق بشدة أيضاً قدرتها على الوصول المنظم والمستدام إلى أسواق رأس المال الدولية.
أما المخاطرة الثانية، فترتبط بالنظام الأمريكي المتقلب للتعريفات الجمركية، الذي أثار ردود فعل انتقامية واسعة النطاق من قِبل التكتلات الاقتصادية الكبرى مثل الصين وأوروبا، فضلاً عن بعض البلدان النامية الأكبر حجماً، ولا شك أن الاضطرابات الناجمة عن هذه السياسات في تدفقات التجارة العالمية ستؤدي إلى زيادة التكاليف عبر مختلف القطاعات، إذ تسعى الشركات والمؤسسات لإعادة هيكلة سلاسل الإمداد، مما يجعل شبكات الإمداد العابرة للحدود أكثر هشاشة وأقل كفاءة على نحو ملحوظ.
تقودنا هذه المخاطر الكامنة إلى الأولوية الثانية للسياسات في البلدان النامية، وهي استكشاف وتعزيز الروابط الدولية التي تدعم القدرة على الصمود، وتعزز المرونة، وتوسع نطاق الخيارات المتاحة أمامها. وعلى الرغم من التوسع الكبير في حجم التجارة بين بلدان الجنوب خلال العقود الماضية، فإنها لا تزال دون المستوى المتوقع بالنظر إلى الظروف الأولية ومستوى التكامل الاقتصادي المنشود.
لا تقتصر أسباب ذلك على التأثيرات العميقة للعلاقات الاقتصادية التاريخية بين الجنوب والشمال، بل تشمل تحديات جوهرية من قبيل إخفاقات مؤسسية وتسويقية كبيرة. ومن هنا تبرز الحاجة الملحة لمعالجتها من خلال جهود منسقة ومستدامة تمتد على مدار سنوات عدة، تشمل استثمارات في البنية التحتية الإقليمية، وتنسيقاً فعّالاً للوائح التنظيمية، وتعزيز التكامل المالي على المستوى الإقليمي، فضلاً عن إبرام اتفاقيات تجارية جديدة.
أما الأولوية الثالثة للسياسات في البلدان النامية، فتتمثل في ضمان استعدادها الأمثل لاغتنام الفرص الهائلة التي تتيحها الابتكارات التكنولوجية الواعدة. ولا يقتصر الأمر على تحقيق طفرات نوعية في رفع الإنتاجية بالقطاعات التقليدية، بل يمتد إلى إمكانية إحداث تحولات جذرية في القطاعات الاجتماعية، لا سيمّا الصحة والتعليم، حيث يمثلان غالباً أكثر التحديات تعقيداً في هذه البلدان، خاصة وأن عوائد الاستثمار في رأس المال البشري هي الأعلى.
يتطلب تحقيق هذه الرؤية تكثيف الجهود التحضيرية من جانب معظم البلدان لتكون مؤهلة لاغتنام هذه الفرص وتحقيق النجاح المرجو منها، وسيكون ذلك من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتطوير وتنمية القوى العاملة الماهرة، وتهيئة أطر تنظيمية تشجع الابتكار وتُحفزه بدلاً من أن تعيقه.
في مقدمة هذه الابتكارات، يشهد الذكاء الاصطناعي تطوراً مذهلاً في سرعته وأثره العميق. خلال ثلاث سنوات فقط، انتقل من الإجابة عن الأسئلة الأساسية وأداء المهام البسيطة إلى أن أصبح شريكاً فكرياً قوياً يعيد تشكيل العلاقة بين التعليم والتعلم والبحث العلمي بشكل جذري.
لكم أن تتخيّلوا الإمكانات الهائلة التي تتيحها أدوات التشخيص المدعومة بالذكاء الاصطناعي في جلسات العلاج والنقاش عن بُعد، ومنصات التعلم التكيفية التي تُراعي احتياجات كل طالب في مدارس تعاني من نقص الموارد، فضلاً عن الممارسات الزراعية الذكية التي تعزز الأمن الغذائي. وفي غضون عامين فقط، قد نصل إلى عالم يُمكن فيه توظيف المساعد الذكي بسهولة من خلال منصات مثل "لينكدإن"، ليصبح عنصراً أساسياً لا غنى عنه في مختلف القطاعات الاقتصادية الرئيسية. إذاً لا مجال لتضييع الوقت، وعلينا بناء المنظومة الأساسية الضرورية للاستفادة مما يصفه الخبراء اليوم بـ "كهرباء العصر الحديث"، لقد آن الأوان لمواكبة هذه الثورة التكنولوجية.
ببساطة لا يمكننا الاستفادة من هذه الطفرة التكنولوجية إذا لم تكن البنية التحتية الأساسية مؤهلة وجاهزة. علاوة على ذلك، كلما تأخرنا، ازداد خطر أن يُسهم الذكاء الاصطناعي والابتكارات الأخرى في تعميق الفجوة وزيادة عدم المساواة على المستوى العالمي.
أود أيضاً الإشارة إلى أن الأولوية الرابعة على مستوى السياسات وثيقة الصلة بمجموعة فرعية صغيرة ذات أهمية إستراتيجية من البلدان النامية، التي تمتلك مستويات مرتفعة من الاحتياطيات الأجنبية وثروة مالية وطنية ضخمة، مع سجل تاريخي في الحفاظ على هيكل مالي متوازن يتسم بفائض في الأصول الدولارية. هذا الفائض كان له أثر إيجابي واضح، خاصة خلال المرحلة الاستثنائية التي شهدها الاقتصاد الأمريكي مؤخراً. ومع ذلك، تواجه هذه البلدان اليوم تحديات متزايدة، تبدأ من المبالغة في تقييم العديد من الأصول المقومة بالدولار الأمريكي، وتمتد إلى التراجع المستمر في خصائص تخفيف المخاطر لسندات الحكومة الأمريكية كأداة فعّالة لتخفيف المخاطر، سواء من حيث تزايد تقلباتها أو ارتفاع ارتباطها بالأصول الأخرى.
ونظراً لعدم وجود بديل متاح بسهولة يحل محل الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية، فضلاً عن اتساع نطاق وعمق الأصول المالية الأمريكية، فإن مسار التنويع لهذه البلدان سيكون بلا شك طويلاً ومعقداً، ويستلزم هذا المسار تصنيفاً دقيقاً للأصول، وإعادة تقييم منهجيات تخصيصها، واعتماد أنماط استثمارية جديدة تُركز على تجاوز الملاذات الآمنة التقليدية. وكلما تأخرت هذه العملية، ازدادت مخاطر تكبد خسائر كبيرة ن بسبب عدم تبني إستراتيجيات التنويع الأكثر نجاحاً التي يعتمدها الآخرون.
تداعيات التطورات الراهنة على مستقبل المؤسسات متعددة الأطراف
يشهد النظام الاقتصادي العالمي تحولات عميقة وجذرية، تمتد من تغير طبيعة الصدمات العالمية، مروراً بضرورة تعزيز القدرات المحلية على الصمود، وانتهاءً بالاعتماد المتزايد على التكنولوجيا، والتي تشكّل دعوة حاسمة لإعادة النظر في الدور المحوري الذي ينبغي أن تضطلع به المؤسسات متعددة الأطراف في عالم يتسارع فيه التغيير. في هذا السياق، سأتناول اليوم دور البنك الدولي وغيره من المؤسسات متعددة الأطراف، بما في ذلك بنوك التنمية الإقليمية، من خلال طرح رؤية أعمق وأكثر تعقيداً لمفهوم "ما بعد تقديم المساعدات"، الذي يتجاوز مجرد المشاركة وتحقيق الأثر.
في عالم يشهد تحولات جذرية، أصبح من الضروري لهذه المؤسسات أن تعزز خبراتها وفاعليتها بشكل جوهري، لتصبح مستشاراً جديراً بالثقة للبلدان الأعضاء. ويستلزم ذلك القدرة على تجميع أفضل الممارسات من هذه البلدان، وتصنيفها، ونشرها في المجالات الجديدة سريعة التطور، مما يؤهلها لأن تتحول إلى مركز عالمي رائد لتبادل المعلومات ودعم الابتكارات في مجال السياسات. وعلاوة على ذلك، يجب أن تضطلع هذه المؤسسات بدور محوري كمراكز معرفية لا غنى عنها، هدفها دعم نشر الابتكارات التكنولوجية بكفاءة وعدالة، لتُسهم في تحقيق تحولات عميقة وجوهرية في القطاعات الحيوية، لا سيمّا الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز مستويات الإنتاجية الوطنية.
ولتلبية هذه التحديات، لا بد من تمكين الكوادر المؤهلة داخل هذه المؤسسات، وتأهيلهم تأهيلاً متكاملاً للرد على تساؤلات كانت قبل سنوات قليلة تبدو غريبة، لكنها اليوم ملحة وتحتاج إلى إجابات فورية وواضحة، من بينها:
- ما هي الإستراتيجيات التي يمكن للبلدان تبنيها للتفاعل الهادف مع المساعد الذكي المتطور الذي يوفره الذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز رأس المال البشري الحالي وسد فجوات المهارات، بعيداً عن الاستغناء عن القوى العاملة؟
- كيف يمكن توظيف التكنولوجيا لرفع سرعة وكفاءة تقديم خدمات الصحة والتعليم الأساسية لشرائح أوسع من المواطنين، لا سيمّا الفئات التي غالباً ما تُحرم من هذه الخدمات، مع ضمان تحقيق العدالة والمساواة في الوصول؟
- ما السبيل لبناء منظومات متكاملة تشمل البنية التحتية، وتنمية المهارات، ووضع أطر تنظيمية، تمكِّن الانتشار السريع والعادل للتقنيات الحديثة المعززة للإنتاجية عبر مختلف القطاعات، مع الحد من تفاقم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية؟
- كيف يمكن التعامل بذكاء وفاعلية مع المخاطر الحتمية المصاحبة لهذه الابتكارات؟
هذه الأسئلة لم تعد مجرد نقاشات نظرية، بل تحولت إلى تحديات عملية عاجلة تتطلب حلولاً عملية قابلة للتطبيق على نطاق واسع.
تتزايد الحاجة الملحة إلى جهود منسقة لتعميق الروابط الإقليمية، وإطلاق مشروعات إقليمية متكاملة وقوية. ويتجاوز هذا التحرك الحدود الوطنية، وينطلق نحو دعم البنية التحتية العابرة للحدود، وتسهيل حركة التجارة، وإدارة الموارد المشتركة. وفي الوقت نفسه، تزداد الحاجة إلى تعزيز آليات التمويل اللازم لحالات الطوارئ على نطاق أوسع، من خلال اعتماد أساليب مبتكرة وأكثر ذكاءً لتقسيم المخاطر وتقاسمها بين القطاعين العام والخاص، دعماً للبلدان النامية في عالم يزداد تعرضاً للمخاطر يوماً بعد يوم، في ظل تكرار الصدمات الخارجية وشدتها المتزايدة.
لقد أصبح من الضروري اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تجاوز نطاق تقديم المساعدات التقليدية، لتبني تغييرات جذرية وعملية، لها أثر متنامٍ، لا يقتصر على ما تفعله البلدان فقط، بل يشمل أيضاً كيفية تنفيذها لهذه السياسات والإجراءات، مع التشديد على الشعور بالمسؤولية والملكية على المستوى الوطني، وبناء القدرات، وزيادة القدرة على الصمود.
في هذا السياق، يكتسب دور المؤسسات في البلدان الهشة أهمية قصوى، حيث تعاني هذه البلدان، إلى جانب المآسي الإنسانية التي لا توصف، من إخفاقات مؤسسية وسوقية جسيمة تضعف إمكاناتها، وخاصة في بيئة معقدة تتشابك فيها تحديات الحوكمة والأمن وتوفير الخدمات الأساسية، مما يجعل نماذج التنمية التقليدية غير مجدية. لذلك، يتطلب الوضع تعزيز الفاعلية، وتنسيق الجهود بين الجهات الدولية الفاعلة، وتوسيع دائرة الشفافية والانفتاح، مع اعتماد نهج مختلف جوهرياً عن الأساليب التقليدية. وفي هذا السياق، يسعدني بشكل خاص أن نستضيف السيد ديفيد ميليباند اليوم، ليشاركنا خبراته القيمة حول التحديات العميقة والمعقدة التي تواجه التعاون بين المؤسسات الدولية متعددة الأطراف.
الخلاصة
بدلاً من اختتام كلمتي بمُلخص تقليدي للنقاط الرئيسة التي تسلط الضوء على تعقيدات البيئة العالمية المتزايدة وتناقضاتها، أود أن أؤكد مجدداً على الطبيعة العميقة والمزدوجة لسلسلة الابتكارات التكنولوجية المتلاحقة التي نشهدها اليوم. فمن جانب، تفتح هذه الابتكارات آفاقاً غير مسبوقة لثورة في مستويات الإنتاجية، وتحول جذري في جودة الخدمات الاجتماعية، وتمهد طرقاً جديدة لتحقيق نمو شامل وعادل للجميع. ومن جانب آخر، هناك تحذير واضح لا يمكن تجاهله: إذا أخفقت البلدان النامية في توفير الشروط الأساسية الحاسمة لدعم نشر هذه الابتكارات بكفاءة وعدالة في اقتصاداتها، ولا سيمّا في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم، فإنها ستتخلف عن الركب. وهذا يعني أنه بدلاً من اللحاق بالاقتصادات المتقدمة، ستتزايد فجوات التخلف والتفاوت داخل هذه البلدان وبينها، مما يعمق أوجه عدم المساواة، ويُفاقم من تجزؤ النظام العالمي الذي يعاني أصلاً من عدم الاستقرار.
لذا، من الضروري التكيّف الاستباقي وبناء أنظمة مترابطة، لما له من تأثير مباشر وعميق على أداء مؤسسات التنمية الإقليمية وجميع المؤسسات متعددة الأطراف، بما فيها البنك الدولي. وكما ذكرت في مستهل كلمتي، فقد كان لهذا الصرح تحديداً دور رئيسي في إشعال شغفي المستمر نحو تحقيق نمو وتنمية شاملة وحقيقية. ومع ذلك، تظل أهمية هذه المؤسسة وشقيقتها (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) موضوع نقاش مستمر في الأوساط الأكاديمية والحكومية.
اليوم، في هذا اللقاء الذي يجمع نخبة الخبراء والكفاءات البارزة، تتجلى لنا فرصة ذهبية للإجابة على سؤال ظل يتردد كثيراً في السنوات الأخيرة: هل لا تزال مؤسستا بريتون وودز (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) تحتفظان بأهميتها في عالم اليوم؟
الإجابة بكل وضوح: أكثر من أي وقت مضى. ولا تكمن أهميتهما في استمرار وجودهما وحسب، بل في قدرتهما على العمل بفاعلية وسط تعقيد وتشابك وإلحاح التحديات التي تواجه البلدان النامية. وكما قال رئيس البنك الدولي أجاي بانغا: لقد انقضى عهد التردد في الإصلاحات الجزئية. وحان الوقت لاتخاذ خطوات جريئة وحاسمة، مبنية على الابتكار والمرونة الفكرية. فالبلدان النامية في مختلف أنحاء العالم لم تعد تحتمل أن يتوانى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عن التطور وتقديم يد العون والمساعدة لها.
شكراً جزيلاً لكم على حسن الاستماع واهتمامكم.
انضم إلى النقاش