نشر في أصوات

تحسين نظم الإدارة الرشيدة وزيادة الاستثمارات مفتاح النجاح في التصدي لأزمة المياه في العالم

الصفحة متوفرة باللغة:
Woman with water container at well. Sri Lanka. Photo © Dominic Sansoni / World Bank Woman with water container at well. Sri Lanka. Photo © Dominic Sansoni / World Bank

تمثل المياه حقاً أساسياً من حقوق الإنسان – لكنها أيضاً مورد محدود. فشح المياه مشكلة متفاقمة حيث يعيش واحد من بين كل أربعة أشخاص في مناطق تشهد شحاً في الموارد المائية.

تقوض أزمة المياه العالمية قدرتنا على إنتاج الغذاء وحماية سبل كسب العيش وبناء اقتصادات قوية. وتتسارع وتيرة هذه الأزمة مع توقع أن يفوق الطلب على الاحتياجات المائية الإمدادات المتوفرة بنسبة 40% بحلول عام 2030. وسوف يطال الضرر الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً على نحو غير متناسب، ما سيسفر عن تنامي عدم المساواة، ومع تزايد الضغوط على الموارد العالمية الناتجة عن آثار تغير المناخ، ستظل الحاجة إلى إدارة فعالة وتعاونية للمياه تنمو وتتعاظم.

إن إيجاد عالم ينعم فيه الجميع بالمياه يتطلب اتخاذ إجراءات جريئة متصلة بالسياسات والاستثمارات على مختلف المستويات. علينا في البداية فهم كيفية تقديرنا لقيمة الموارد الشحيحة المشار إليها وإدارتنا لها والتي سيتمحور حولها الأسبوع العالمي للمياه هذا العام، وهو المؤتمر الرئيسي المعني بقضايا المياه في العالم المقرر عقده في الفترة من 23 أغسطس/آب وحتى 1 سبتمبر/أيلول في ستوكهولم بالسويد.

تتعرض المياه، وهي منفعة عامة، للتسعير بأقل من قيمتها الحقيقية، وفي أغلب الأحيان تساء إدارتها وتكون بحاجة إلى استثمارات أفضل. وتعكس السياسات الوطنية لإدارة المياه كيفية تقديرنا لقيمة المياه.   وبالنظر إلى أن المياه تحتل مكاناً محورياً في صميم عملية التنمية، فمن الأهمية بمكان أن تجسد السياسات العامة طائفة متنوعة من وجهات النظر. ويشكل التصميم المتقن لنظم الإدارة الرشيدة وإصلاحات المالية العامة بالإضافة إلى المؤسسات المستقلة الخاضعة للمساءلة، عوامل أساسية في تحسين إدارة الموارد المائية.

ومن شأن نظم الإدارة الرشيدة – التي تشتمل على المؤسسات والشبكات التي تستخدم المياه وتديرها بكفاءة وبطريقة فعالة من حيث التكلفة وبشفافية - كفالة إدارة المياه إدارة ناجعة وتخصيصها بشكل عادل مع تفادي أية منازعات.  ويكتسب هذا أهمية خاصة بالنسبة لإدارة المياه العابرة للحدود نظراً لتزايد الضغوط على المصادر العامة لإمدادات المياه. وللإدارة الرشيدة أهمية بالغة أيضاً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تتجاوز ضمان إتاحة المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع، مثل الحد من الفقر وتعزيز الأمن الغذائي. وثمة حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وجديدة لمواجهة التحدي العالمي في مجال المياه، في ظل وجود ملياري نسمة يعانون من نقص المياه الصالحة للشرب و3.6 مليارات نسمة لا يحصلون على خدمات صرف صحي مأمونة.

يتطلب ضمان تقاسم المياه بشكل منصف ومستدام اعتماد نهج شامل. ولا تزال هناك فئات كالنساء والشباب وجماعات السكان الأصليين وذوي الإعاقة وغيرهم، تعاني من ضعف التمثيل من بين مقدمي الخدمات أو متلقيها ومتخذي القرار والمسيطرين على الموارد المائية. فالفئات المشار إليها بحاجة إلى أن يكون لها صوت مسموع وبإمكانها الاستفادة من قطاع المياه والحصول على فرص عمل فيه.

وسيعود إدماجها بمنافع واسعة النطاق. لقد ثبت أن مشاركة المرأة في قطاع المياه على سبيل المثال قد أدت إلى تحسين مستوى الشفافية في إدارة المياه واستدامتها. ومن شأن زيادة انخراط المواطنين ورفع درجة المساءلة على جميع المستويات مساعدة المجتمعات المحلية على تجنب الإقامة في مناطق السهول الفيضية، وتحسين فعالية نظم الإنذار المبكر في حالات الكوارث وإتاحة خدمات أكثر كفاءة، والمساهمة في إتاحة فرص أكثر ربحية في مجالات الزراعة وصيد الأسماك والسياحة.

ويلزم دعم نظم الإدارة الرشيدة باستثمارات كافية. فالأمن المائي بعيد المنال في العديد من البلدان، إذ تشير التقديرات إلى أن هناك حاجة إلى 150 مليار دولار سنوياً من أجل تعميم الحصول على خدمات مأمونة لمياه الشرب والصرف الصحي على مستوى العالم. وأصبحت نوبات الجفاف والفيضانات والمخاطر الأخرى المتصلة بالمياه أكثر شدة، وتتعرض المياه الجوفية للاستغلال المفرط والتلوث، وتواجه المدن والمزارع نقصاً حاداً في إمداداتها من المياه.  وستقوض هذه الأحداث مكاسب التنمية متطلبة المزيد من الاستثمارات لحل أزمة المياه.

ويستلزم حجم الاستثمار المطلوب إشراك القطاع الخاص وآليات تمويل ابتكارية لاستكمال الموارد الحكومية المحدودة، ما يحقق فاعلية التحول والقدرة على الصمود في قطاعات تعتمد على المياه كالزراعة والطاقة والصناعة وإمدادات المياه في المناطق الحضرية.

ويتعين على الحكومات وقطاع الأعمال والمجتمع المدني اتباع طرق مبتكرة وحل المشكلات معاً للتغلُّب على التحديات المتصلة بالمياه التي تواجه العالم.  يعمل شركاء مجموعة البنك الدولي بالتعاون مع القطاعين العام والخاص على تعزيز مشاركة أصحاب المصلحة وتقديم حلول لمشاكل المياه والصرف الصحي، وتعبئة استثمارات القطاعين العام والخاص في مجالات تتراوح بين تحسين خدمات إمدادات المياه والصرف الصحي وصولاً إلى الإدارة المتكاملة للموارد المائية والشمول الاجتماعي وسلامة السدود.

وبفضل استثمارات في مجال المياه تصل إلى قرابة 30 مليار دولار ومئات من خبراء المياه في جميع أنحاء العالم، يتمتع قطاع الممارسات العالمية للمياه بالبنك الدولي بوضع فريد يمكِّنه من مساعدة البلدان على التصدي لأزمات المياه وتطوير معارف عالمية جديدة من نوعها وإعداد مشروعات للمياه مستندة إلى أدلة وشواهد أثبتت نجاحها مع تعظيم تأثير الإقراض في الوقت نفسه من خلال تقديم المساعدة الفنية على أرض الواقع. ويوفر عملنا التحليلي الأسس اللازمة لتوسيع نطاق التعاون مع البلدان والشركاء على المستوى الوطني ومستوى الأحواض لتحقيق الأمن المائي وحصول الجميع على خدمات المياه والصرف الصحي.

ندعوكم للانضمام إلينا في الأسبوع العالمي للمياه لبحث وفهم السبل المختلفة لتقدير قيمة المياه وإدارتها وتنظيمها بطريقة حكيمة. وستعقد مجموعة البنك الدولي وتشارك في جلسات مختلفة تغطي موضوعات شتى تتراوح بين التعاون العابر للحدود والتمويل والزراعة والتكنولوجيا والابتكار وأزمة المناخ. ويمكنكم متابعة الجلسات عبر @WorldBankWater باستخدام #wwweek.

يمكننا العمل معاً لضمان إتاحة المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع ومواجهة التحديات الناشئة عن التحوُّل المناخي.


بقلم

‫ساروج كومار جاه‬‬

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000