يتطلب العمل المناخي تغييرات في السياسات، وينطوي أيضاً على احتياجات تمويلية باهظة تأتي في وقت يواجه العالم فيه تحديات هائلة على صعيد المالية العامة. وحتى مع بيئة السياسات الملائمة، يمكن أن تتطلب البنية التحتية منخفضة الكربون والقادرة على تحمل تغير المناخ في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل استثمارات بنحو 1.6 تريليون دولار سنويّاً من الآن وحتى عام 2030، أو 4.5% من إجمالي ناتجها المحلي.[1] وأما القطاعات الأخرى - من الزراعة إلى الصناعات – فستحتاج إلى المزيد من التمويل. ويمكن تحقيق بعض ذلك من خلال رأس المال الخاص الموجه نحو المشروعات المجدية تجاريّاً دون بعضها الآخر والذي سيتطلب مساندة حكومية. ويكمن جوهر التحدي في أن بعض الإجراءات التدخلية اللازمة تفتقر حالياً إلى الحوافز والقدرات اللازمة لإنفاذها، وربما تتطلب تمويلاً ميسراً أو منحة أو كلاهما، لا سيما في البلدان منخفضة الدخل.
وفي حين يُتوقع من جميع البلدان مساهمتها في المنافع العامة العالمية، بما في ذلك تخفيض الانبعاثات، فإن مسؤولياتها وحاجتها إلى المساندة تتباين من بلد إلى آخر. إذ إن البلدان منخفضة الدخل لم تسهم كثيراً في الانبعاثات التاريخية لغازات الدفيئة، وتمتلك قدرات مؤسسية أقل ولديها احتياجات إنمائية أخرى ملحة. ولا يمكن أن نتوقع مساهمتها في خفض الانبعاثات بقدر مساهمة البلدان الأكثر ثراء نفسها، وستحتاج إلى مزيد من الموارد المتاحة بشروط ميسَّرة.
نحاول في هذه المدونة تحديد الاستثمارات والإجراءات التدخلية التي تُعد عنصراً أساسياً في العمل المناخي الناجح والفعال من حيث التكلفة، لكنها قد تحتاج إلى بعض المساندة الإضافية ، لا سيما في البلدان منخفضة الدخل، مع الإقرار بأن تهيئة بيئة السياسات والإجراءات التنظيمية السليمة سيكون أمراً بالغ الأهمية لتعظيم أثر الموارد المتاحة بشروط ميسَّرة على صعيد المنافع العامة العالمية. كما نورد أيضاً تقديرات تقريبية للموارد المتاحة بشروط ميسَّرة اللازمة، ونتلمّس مصادر التمويل الممكنة.
ما أنواع الإجراءات التدخلية اللازمة؟
كثير من الإجراءات التدخلية التي تتسم بالكفاءة وتُعد ضرورية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم لن يفي بمعايير استثمارات القطاع الخاص، حتى مع وجود تمويل بسعر فائدة أقل من سعر السوق واستيعاب المخاطر (إزالة المخاطر) من مؤسسات التمويل الإنمائي. وستتطلب هذه الإجراءات التدخلية موارد متاحة بشروط ميسَّرة أو منحاً أو كلاهما استناداً إلى قدرتها على خفض الانبعاثات. وقد تأتي هذه المساندة من موارد محلية أو دولية، مع اختلاف حصص البلدان على مختلف مستويات الدخل. وهناك ثلاثة أنواع رئيسية:
- بعض المشروعات يحد من الانبعاثات لكن لن يتم تنفيذه دون مساندة أولية بشروط ميسرة أو منحة أو كلاهما لتخطيط النظام أو إعداد المشروع. ويصعب تدشين هذه الأنواع من المشروعات بسبب ارتفاع تكاليف الإعداد وارتفاع المخاطر، وبالتالي فإن المساعدة الفنية والمساندة بشروط ميسرة أو المنح أو كلاهما في المراحل الأولى يمكنها تقديم يد العون، بما في ذلك إعداد المخططات الرئيسية للبنية التحتية.[2] ويتم تقديم هذه المساندة حالياً من خلال صناديق استئمانية أو صناديق وساطة مالية، كالصندوق العالمي للبنية التحتية، وصندوقي الاستثمار في الأنشطة المناخية، وبرنامج المساعدة على إدارة قطاع الطاقة، وصندوق سد فجوة التمويل المناخي في المدن، والصندوق العالمي للحد من الكوارث والتعافي من آثارها، وبرنامج التسهيلات الاستشارية للبنية التحتية بين القطاعين العام والخاص. لكن مساندتها يشوبها التجزؤ، وتمويلها يتضاءل أمام عدد وحجم المشروعات المطلوبة من هذا النوع.
- بعض المشروعات يحد من الانبعاثات ويدر منافع عامة عالمية، لكنه ليس مجدياً تجارياً إلا إذا أُخذت منافعه المحلية في الحسبان، حيث تواجه هذه المشروعات تحدياً في التمويل والقدرة على تحمل التكلفة. وفي مثل هذه الحالات، يمكن أن يؤدي الدعم العام، سواء من مصادر محلية أو من مصادر دولية، إلى تحويل المنافع العامة العالمية إلى أموال. ويرتبط هذا بوجه خاص بالبلدان منخفضة الدخل، على سبيل المثال بالنسبة للاستثمارات في شبكات الكهرباء أو تخزينها، الأمر الذي سيؤدي إلى تهيئة الظروف للاستثمارات الخاصة في الطاقة المتجددة. ومع أنه من المرجح أن يؤدي التقدم الفني ووفورات الحجم إلى زيادة العائد من هذه المشروعات بمرور الوقت،[3] فإنها غالباً ما تكون معقولة اقتصادياً حتى قبل الجدوى التجارية. وفي هذه الحالات يمكن للموارد المتاحة بشروط ميسَّرة خفض تكلفة التحوّل. وتقدم الصناديق من قبيل الصندوق الأخضر للمناخ، والصناديق الاستئمانية مثل بروجرين أو بروبلو أو بروكلين أو برنامج الحد من الانبعاثات المناخية، ومكون المنح في صناديق الوساطة المالية وصندوقي الاستثمار في الأنشطة المناخية، كصندوق الشراكة للحد من انبعاثات كربون الغابات وصندوق المنافع العامة العالمية التابع للبنك الدولي للإنشاء والتعمير، دعماً لتغطية مكون المنافع العامة العالمية في أي مشروع. لكن مرة أخرى، لا تملك هذه الصناديق حجم التمويل ولا القدرات ولا الاختصاص اللازم للتصدي لضخامة احتياجات التحول. وقد تتيح أسواق الكربون بمرور الوقت أيضاً تدفقاً تكميلياً من المنافع المالية لزيادة العائدات المتوقعة للمشروعات التي تحد من انبعاثات الكربون.
- بعض الإجراءات التدخلية عبارة عن تعويضات وقد لا يحقق أي عوائد مالية، على الرغم من أنه يجلب قدراً كبيراً من المنافع العامة العالمية و/أو المنافع الاجتماعية التي تُعد ضرورية من أجل تحقيق تحوّل عادل؛ فهي تحتاج إلى موارد حكومية، بما في ذلك المساندة المتاحة بشروط ميسرة أو المنح في البلدان الأقل دخلاً. ومن منظور الحكومة، تنطوي هذه على التزامات صريحة أو ضمنية. وتشمل الالتزامات الصريحة إعادة التفاوض على اتفاقات شراء الكهرباء وتعويضات لأصحاب الأصول عندما تغلق محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم أبوابها قبل انتهاء عمرها الافتراضي. وتشمل الالتزامات الضمنية النفقات الاجتماعية، كتقديم المساندة للعمال والمجتمعات المحلية المتضررين من إغلاق المناجم، وذلك من خلال برامج إعادة التدريب والبنية التحتية. وعلى الرغم من إمكانية القياس الكمي للالتزامات الصريحة بشكل موضوعي، فإن قيمة الالتزامات الضمنية ستتوقف على عدة عوامل أخرى، بما في ذلك نهج البلد المعني في التحول العادل ودور قطاع الفحم في الاقتصاد.
قد يشمل أحد الإجراءات التدخلية أنواعاً عديدة مما سبق. يتيح هذا التعقيد - مع انطوائه على مجموعته الخاصة من التحديات - فرصاً للترتيبات المالية المبتكرة وحلول التمويل المختلط، ويمكنه الاستفادة من مجموعة الحلول الواسعة التي تتيحها مجموعة البنك الدولي. فعلى سبيل المثال، قد يشتمل مشروع لإغلاق محطة كهرباء تعمل بالفحم على الآتي: (1) إعادة التفاوض على اتفاقية شراء الكهرباء، وهو التزام صريح؛ (2) تعويض العمال والمجتمعات المحلية المتضررة، وهو التزام ضمني؛ (3) إنشاء محطة كبيرة للطاقة الشمسية للمستقبل، وهو مشروع صالح للتمويل؛ و (4) استثمارات في النقل والتخزين. وعلى صعيد مماثل، يمكن أن يشتمل مشروع لإدارة المساحات الطبيعية على مزيج مما يلي: (1) استثمارات جذابة للقطاع الخاص في الإدارة المستدامة للغابات؛ (2) إدارة منطقة محمية يمكنها الاستفادة من التدفقات من أسواق الكربون أو الموارد المتاحة بشروط ميسَّرة أو المنح؛ (3) والالتزام الضمني المتمثل في العمال والمجتمعات المحلية المتضررة الذين لا يتوفر لهم إلا القليل من سبل كسب العيش البديلة، إن وُجدت.
كم سيكون مطلوباً في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل؟[4]
أولاً نريد التأكيد على أن التقديرات المقترحة هنا جزئية وغير مؤكدة، وينبغي استخدامها كقيم تقريبية. وهي تعتمد اعتماداً كبيراً على السياق القُطري والقطاعي، كتفاصيل اتفاقيات شراء الكهرباء، وتوزيع الجهود بين القطاعين الخاص والعام، ومدى الإنفاق الاجتماعي الذي تقدمه الحكومات للعمال والمجتمعات المحلية المتضررين. كما تُعد جزئية أيضاً لتركيزها على قطاع الطاقة وخاصة الفحم، فيما قد تكون هناك قطاعات أخرى في بعض البلدان متضررة بقدر تضرر قطاع الفحم.[5] أضف إلى ذلك أن ظروف بلد ما ووضعه من حيث الدخل سيؤثران على إمكانية حصوله على مساندة بشروط ميسَّرة، حيث يُتوقع من البلدان الأعلى دخلاً أن تسهم بمزيد من مواردها الخاصة في الحد من الانبعاثات وإدارة تكاليف التحول.
ومن المهم أيضاً أن ندرك أن إصلاحات السياسات أمر أساسي لخفض التكاليف في جميع المجالات: فالبلدان بحاجة إلى ضمان اتساق حوافز السياسات للاستثمارات الجديدة مع أهدافها المناخية والإنمائية طويلة الأجل.[6] وغالباً ما تواجه هذه الإصلاحات تكاليف معاملات وتحول كبيرة، ويمكن أن تكون حساسة سياسيّاً، الأمر الذي يؤدي غالباً إلى فترات تأخير مكلفة. وبإمكان الموارد المتاحة بشروط ميسَّرة أن تساعد على خفض هذه التكاليف، وتسريع وتيرة الإصلاحات، وتشجيع التنمية، وتحقيق آثار كبيرة على انبعاثات غازات الدفيئة بالتأثير على جميع الاستثمارات في بلد بعينه. وفي ظل السياسات واللوائح التنظيمية الحالية، تزداد الحاجة إلى الموارد المتاحة بشروط ميسَّرة بمرور الوقت، لكن مع اتخاذ الإجراءات الفورية على صعيد السياسات، ستكون التكاليف أقل.
وتبعاً للسياق، يمكن تسريع وتيرة التحول عن الفحم بالمساندة من أجل:
- الالتزامات الصريحة من محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم التي ستُسحب من الخدمة قبل انتهاء عمرها الافتراضي. يتراوح إجمالي القيمة المعدومة (بمعنى الدخل المفقود من محطات توليد الكهرباء القائمة التي تعمل بالفحم من الآن وحتى عام 2050) بين 100 مليار دولار وتريليون دولار واحد، وذلك تبعاً لسرعة حدوث التحول وما إذا كان يجري بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء تعمل بالفحم أم لا.[7] وهذا ينْبئ عن تعويضات للملاك تتراوح بين 3 و 35 مليار دولار سنوياً. وستتوقف الاحتياجات التمويلية الفعلية على الترتيبات التعاقدية. وسيخصص جزء كبير من هذا لمحطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم في البلدان متوسطة الدخل في شرق وجنوب آسيا، وخاصة الصين والهند.
- الالتزامات الضمنية لمساندة المجتمعات المحلية والعمال المتضررين. تقدر التكاليف الاجتماعية الناجمة عن إغلاق محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم ومناجم الفحم بنحو 60 مليار دولار سنوياً، أي نحو تريليون دولار من الآن وحتى عام 2040.[8] وتتركز هذه الالتزامات على نحو عشرة بلدان تضم معظم عمال الفحم في العالم. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من مناجم الفحم غير مربحة وتتلقى إعانات حكومية بالفعل، وهكذا فإن إعادة تطويع تلك الأموال لأغراض مختلفة ربما يقلل حجم المساندة الخارجية المطلوبة. وفي الوقت نفسه، فإن الجدوى الاقتصادية للفحم آخذة في التراجع نتيجة التغيرات في التكنولوجيات، وبالتالي فليست جميع تكاليف التحول في حقيقتها منافع عامة عالمية. أضف إلى ذلك أن هناك قدراً كبيراً من عدم اليقين فيما يتعلق بالتكاليف الإضافية لمساندة العمال العاملين بشكل غير مباشر أو غير رسمي في مناطق تعدين الفحم ومجتمعاتها المحلية.
- هناك حاجة أيضاً إلى استثمارات كبيرة لتسريع وتيرة استخدام الطاقة النظيفة ورفع كفاءة استخدام الطاقة، الأمر الذي سيحول بمرور الوقت دون تنفيذ مشروعات جديدة لتوليد الكهرباء بالفحم واستبدال محطات توليد الكهرباء القائمة التي تعمل بالفحم. ويمكن أن يساعد توفر الموارد المتاحة بشروط ميسَّرة في جعل مشروعات توليد الكهرباء البديلة (بجانب الاستثمارات اللازمة في التخزين والشبكة) أكثر جاذبية للمستثمرين من القطاع الخاص. واستناداً إلى التجارب السابقة، قد يتطلب توسيع نطاق مشروعات الطاقة النظيفة 10% من المساندة المالية المعادلة للمنح، مما يجعل تقدير الاحتياجات عند نحو 100 مليار دولار سنوياً، مع وجود قدر كبير من أوجه عدم اليقين على حسب السياسات واللوائح المعمول بها في كل بلد، ووتيرة تخفيضات الانبعاثات، وتوزيع الجهود قبل عام 2030 وبعده.[9]
ما مصادر التمويل الممكنة؟
من الواضح أن الحد من الانبعاثات سيتطلب استثمارات هائلة من تحالف عالمي من الأطراف الفاعلة، وتشمل فئات التمويل الميسر ما يلي:
- التمويل المناخي متعدد الأطراف – تساند هذه الموارد المشروعات والإجراءات التدخلية من خلال قنوات كثيرة، من ضمنها بنوك التنمية متعددة الأطراف والصندوق الأخضر للمناخ وصندوقي الاستثمار في الأنشطة المناخية وغيرها من الصناديق المخصصة.[10] وهذه أدوات كبيرة لكل منها سجل أداء خاص بها، ومع ذلك تظل أحجامها صغيرة نسبيّاً مقارنة بحجم التحدي، ويمكن توسيع نطاقها.
- المستخدمون من خلال رسوم الاستخدام – على سبيل المثال: الرسوم على نفقات الطاقة أو السندات "المورّقة" المدعومة من المستهلكين. وتشمل الأسعار التي يدفعها مستهلكو الكهرباء التعريفات التي توجه حالياً نحو المستثمرين في المحطات التي تعمل بالفحم، لكن يمكنها المساهمة في الحد من الانبعاثات.[11]
- دافعو الضرائب – يمول الجمهور خدمات الحماية الاجتماعية في معظم البلدان، ويمكنه المساهمة في النفقات الاجتماعية اللازمة للتحول العادل، وإن كانت هذه المساهمة ستختلف بالنسبة للبلدان الأقل دخلاً مقارنة بالبلدان الأكثر ثراء. لكن الحيز المتاح في المالية العامة ضيق في بلدان كثيرة، وستتوقف المبالغ المتاحة على تعبئة الموارد المحلية وأولويات الإنفاق.
- المؤسسات الخيرية – بإمكان هذه المؤسسات تقديم المساندة، لا سيما من حيث المساعدة الفنية أو إعداد المشروعات أو التمويل المختلط. ومع أن هذه المؤسسات لم تخصص في السابق إلا أموالاً صغيرة نسبيّاً لمشروعات مكافحة تغير المناخ، فإنها تبدي اهتماماً متزايداً.
- الجوانب البيئية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة لأسواق رأس المال – هذه الاستثمارات آخذة في الزيادة مع تقديم المؤسسات الاستثمارية ارتباطات مناخية. ومن شأن المنتجات المالية المبتكرة، كسندات وحيد القرن التي يسهّلها البنك الدولي، تشجيع استثمارات القطاع الخاص في المنافع العامة العالمية من خلال آليات الدفع مقابل النجاح.
- يمكن للعقود المعدّة حسب الاحتياجات ربط المجتمع الدولي بالمشروعات التي تحد من انبعاثات الغازات الدفيئة – على سبيل المثال: قد ترغب الشركات التي تتعهد بالوصول بصافي الانبعاثات إلى مستوى الصفر في إبرام عقود مباشرة تبرهن على انخفاض في الانبعاثات مقارنة بخط أساس أو خط اتجاه أو وضع كان قائماً في السابق.
- أسواق الكربون، بما في ذلك الأسواق التنظيمية والطوعية – بمرور الوقت، قد تنمو هذه الأسواق بما يكفي لتوفير موارد كبيرة لمشروعات الحد من الانبعاثات، لكنها تتطلب معايير قوية للأهلية والامتثال. وأحد الحلول التي طرحناها، ونُجري من أجلها حالياً جسّاً لنبض الأسواق، عبارة عن منصة تمويل ستجمّع مساهمات القطاع الخاص دعماً لعملها المناخي وتعهدها بالوصول بصافي الانبعاثات إلى مستوى الصفر. ويمكن لهذه المنصة تمويل الاستثمارات عالية الأثر في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة مع مستوى عالٍ من إمكانيات تحقيق موازنة الكربون في الأسواق الصاعدة، بما في ذلك إنهاء الاعتماد على الفحم، والحلول المستمدة من الطبيعة، والتكنولوجيات الجديدة والناشئة، وكفاءة استخدام الطاقة.
لا يمكن الاستهانة بحجم التحدي. ومن جانبها، تعكف مجموعة البنك الدولي بنشاط على استكشاف سبل تعبئة التمويل الدولي من القطاعين العام والخاص لدمج الأنشطة المناخية والتنمية. لكن بالتوازي مع ذلك، تجعل طبيعة المنافع العامة العالمية لتغير المناخ والتحديات التي تواجهها البلدان منخفضة الدخل من الموارد المتاحة بشروط ميسَّرة شرطاً لتحقيق تحول كفء وعادل. وللأدوات القائمة سجل حافل في توجيه الأموال بكفاءة إلى المشروعات التي ستحد من انبعاثات غازات الدفيئة، لكنها تحتاج من المجتمع العالمي إلى تمويل أكبر كثيراً. فضمان عالم أكثر نظافة واستدامة للجميع سيتطلب مستويات غير مسبوقة من التمويل والتعاون .
[1] البنك الدولي (2019)، تقرير ما وراء الفجوة. https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/31291.
[2] هذه الخطط هي الأساس لإعداد مشروعات جيدة. فعلى سبيل المثال، ساند برنامج المساعدة على إدارة قطاع الطاقة تخطيط قطاع الكهرباء، وهو شرط مسبق لتكامل الطاقة المتجددة في الشبكة. وتُستخدم منح الصندوق العالمي للحد من الكوارث والتعافي من آثارها لمساعدة الحكومات على ضمان قدرة استثماراتها على الصمود في مواجهة مخاطر المناخ والكوارث الحالية والمستقبلية، ومن ثم خفض تكاليف الصيانة والإصلاح المستقبلية وتحسين العائدات المتوقعة.
[3] بمعنى أن حجم الدعم لمساهمتها في المنافع العامة العالمية يمكن أن ينخفض بمرور الوقت، كما لوحظ بالنسبة لتكنولوجيات كالطاقة الكهروضوئية الشمسية.
[4] يورد هذا القسم تقديرات للاحتياجات التمويلية للمشروعات ذات المكون القوي من حيث المنافع العامة العالمية. لكن من الأهمية بمكان أن نضع في اعتبارنا أن هذه الاحتياجات ليست ثابتة وتتوقف على بيئة السياسات واللوائح التنظيمية والأسعار. علاوة على ذلك، فإن التقديرات الواردة في هذا القسم غير مؤكدة وجزئية، لأن تقديرات الاحتياجات في بعض القطاعات الهامة غير موجودة ولا يمكن تقييمها في هذه المرحلة. وبالتالي، ينبغي اعتبار هذه التقديرات قيماً تقريبية نوردها لكي يسترشد بها النقاش المتعلق بالمساندة اللازمة لتحقيق الأهداف.
[5] انبعاثات الميثان مهمة وتتيح فرصاً للحد منها بشكل منخفض التكلفة، لكن هذه المشروعات يمكن جعلها جذابة للمستثمرين من القطاع الخاص بالسياسات المناسبة.
[6] وفقاً لدراسات حديثة، فإن "نحو ثلثي الدخل المفقود [لمحطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم] يرتبط بالكهرباء التي سيتم توليدها في المحطات التي لم يتم بناؤها بعد لكنها قيد الإعداد".[1] ويعتبر تفادي إنشاء محطات كهرباء تعمل بالفحم أولوية لإبقاء هذه التكاليف تحت السيطرة.
[7] https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0040162514000924; وتقديرات البنك الدولي
[8] يوجد في العالم 2,000 جيجاواط من الكهرباء المولدة بالفحم. وبافتراض وجود 500 عامل لإنتاج كل جيجاواط واحد، فهذا يعني نحو مليون عامل في محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم. وهناك 5 ملايين من عمال مناجم الفحم في العالم (3 ملايين في الصين و 400 ألف في الهند و 250 ألفاً في إندونيسيا و 150 ألفاً في روسيا وما بين 40 ألفاً و 110 آلاف في كل من جنوب أفريقيا وبولندا وفييتنام وأوكرانيا وأستراليا وكولومبيا وتركيا والولايات المتحدة. انظر تقرير "منظور عالمي حول الوظائف في قطاع الفحم وإدارة تحوّل العمالة ابتعاداً عن الفحم: القضايا الرئيسية والاستجابات على صعيد السياسات" - https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/37118). ونفترض أن كل شخص يتلقى المساندة يحصل على ما يعادل سنتين من الدخل السنوي (يقدر بنحو 10 آلاف دولار سنوياً في المتوسط). ولاحتساب العاملين بشكل غير مباشر والأثر على المجتمع المحلي الأوسع نطاقاً، نفترض أن المساندة ينبغي أن تصل إلى شخصين لكل عامل في محطة كهرباء تعمل بالفحم و 10 أشخاص لكل عامل في منجم فحم (أي ما مجموعه 52 مليون شخص).
[9] في سيناريوهات تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ المتسقة مع هدف الإبقاء على ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية في حدود 1.5 درجة، تتراوح الاحتياجات الاستثمارية السنوية العالمية بحلول عام 2030 بين 700 إلى 1,600 مليار دولار في قطاع الكهرباء، وبين 500 إلى 1,700 دولار لكفاءة استخدام الطاقة، مع تركّز ثلثي هذه الاحتياجات في البلدان النامية. ويصل المجموع إلى ما بين 800 و 2,200 مليار دولار في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وقد تنخفض الحاجة إلى المساندة الميسرة (هنا عند 10%) مع تحسُّن التكنولوجيات، أو ترتفع مع انتقالنا إلى القطاعات الأكثر صعوبة في الحد من الانبعاثات الكربونية. وكما سبق وذكرنا، يمكن للسياسات الملائمة تقليص هذه الحاجة (ويمكن للسياسات السيئة، كضعف كفاءة الإنفاق العام، أن تزيدها بشكل ملحوظ).
[10] في حالة البنك الدولي للإنشاء والتعمير، تساعد آجال استحقاقه الطويلة أيضاً على مواءمة الاحتياجات التمويلية وتدفقات السداد على امتداد أفق المساهمات الوطنية لمكافحة تغير المناخ.
[11] استُخدمت هذه السندات لجمع أكثر من 38 مليار دولار في الولايات المتحدة.
انضم إلى النقاش