نشر في أصوات

كلما تأخرنا في التصدي لتغير المناخ كلما ترتفع التكلفة

الصفحة متوفرة باللغة:

Climate change ministerial, IMF/World Bank Spring Meetings 2014في شهر سبتمبر/أيلول، قال كبار علماء العالم إن تأثير البشر على المناخ واضح. وفي الشهر الماضي، حذروا من تزايد المخاطر الناجمة عن تسارع وتيرة الارتفاع في درجة حرارة الأرض على اقتصادنا وبيئتنا وإمداداتنا الغذائية والأمن العالمي. واليوم، يصف أحدث تقرير، أصدره الفريق الحكومي الدولي المعني بتغيُّر المناخ التابع للأمم المتحدة، ما نحتاج إلى القيام به في هذا الصدد.
 
يقول التقرير، الذي يركز على التخفيف من آثار تغير المناخ، إن انبعاث غازات الدفيئة على مستوى العالم تزايدت في العقد الماضي بسرعة أعلى مما كان عليه الوضع في العقود الثلاثة الماضية، رغم الجهود المبذولة للحد منها. وبدون جهود إضافية للتخفيف من آثار تغير المناخ، يمكننا أن نشهد ارتفاع درجة الحرارة 3.7 إلى 4.8 درجة مئوية عن المستويات التي كانت سائدة قبل الثورة الصناعية وذلك بحلول نهاية هذا القرن. ويقول الفريق إنه لا يزال بوسعنا أن نحد من هذه الزيادة إلى درجتين، إلا أن ذلك سيتطلب تغييراً تكنولوجياً واقتصادياً ومؤسسياً وسلوكياً كبيراً.
 
دعونا نترجم الأرقام. كل ارتفاع بمقدار درجة واحدة، سيقابله المزيد من المخاطر، وخاصة للفقراء والفئات الأكثر ضعفاً.
 
ويوضح الفريق بما لا يدع مجالا للشك أنه يجب التحرك بأسرع ما يمكن. فكلما أسرعنا في بدء التصدي لهذه المشكلة، كانت فرصنا أفضل فيما يتعلق بإصلاح الأمر، والأهم من ذلك انخفضت التكلفة.
 
وقد اتفق وزراء المالية، الذين اجتمعوا مع قيادات مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة في البنك الدولي يوم الجمعة، على مدى إلحاح الأمر. ولم يتجادل الوزراء حول ما يتعلق بالعلم - بل تحدثوا عن المخاطر التي يمكن أن تؤثر على الاستقرار الاقتصادي والمالي، وعن أدوات السياسات التي يمكن استخدامها لزيادة النمو منخفض الانبعاثات الكربونية، وعن المساعدة التي يحتاجون إليها بشأن الاستثمار في سبل تعزيز القدرة على التصدي.

لقد تحدثوا عن الرسالة. وغالباً، فإن السياسات التي تحقق فوائد خفض الانبعاثات تحقق أيضاً مزيدا من الفوائد الملموسة الأخرى. وقد يؤدي وضع سياسات بطريقتهم إلى زيادة سبل الدعم والمساعدة. ولنأخذ وسائل النقل على سبيل المثل: فتحسين مواصفات المركبات والاستثمار في استخدام وسائل النقل العام وزيادتها يقلل من تلوث الهواء في الأماكن المفتوحة والذي يسهم في أمراض الربو والقلب وسرطان الرئة و3.7 مليون وفاة كل عام، كما يحد من انبعاث غازات الدفيئة. وسوف نصدر قريباً تقريراً يستعرض بعض هذه "المنافع المشتركة" بمزيد من التفصيل.
 
ومع اقترابنا من قمة الأمم المتحدة عن المناخ التي ستنعقد في شهر سبتمبر/أيلول، فإن وزراء المالية يعرفون أنهم يجب أن يقودوا العمل في بلدانهم بما يضمن تحقيق نمو يتسم بالمرونة، ويخلق الوظائف، ويقود نمو منخفض الانبعاثات الكربونية. 

لقد تحدثنا معاَ عن العديد من الإجراءات التي يمكن أن تتماشى مع ما يناسب التحرك في مجال المناخ لمواجهة هذا التحدي الضخم.
 
• تسعير الانبعاثات الكربونية. هذا أمر بالغ الأهمية لتحسين استخدام الطاقة وتنشيط الاستثمار في اتجاه النمو منخفض الانبعاثات الكربونية. ونحن نشجع البلدان والشركات على الانضمام الى ائتلاف متنام من الجهات المبادرة إلى مساندة تحديد سعر للانبعاثات الكربونية.
 
• إننا نحث صانعي السياسات والجهات الرقابية على تعزيز الكفاءة في استخدام الطاقة على نطاق واسع من خلال وضع معايير للمباني والإضاءة والمركبات وتشجيع الأسواق على تبني حلول كفاءة استخدام الطاقة. وهذا مجال سيعمل على خلق الوظائف.
 
• إننا ندعو إلى الاستثمار بشكل كبير في مدن منخفضة الانبعاثات الكربونية تتسم بالمرونة وملائمة للعيش فيها. ويشير الفريق إلى أن معظم المناطق الحضرية في العالم التي ستكون قائمة عام 2030 ليست حضرية اليوم. ومن المهم للحكومات المختلفة أن تضمن توفير سياسات مالية تتيح للمدن الحصول على موارد استثمارية فضلاً عن ضمان سلاسة التدفق في التحويلات المالية للحكومات المحلية. وبالتوازي مع ذلك، يمكننا مساعدة الجدارة الائتمانية للمدن.
 
• إننا نطلب من مختلف البلدان أن تحذو حذو أفريقيا والانضمام إلينا للعمل على تحقيق أهداف تعزيز الإنتاجية الزراعية والتغذية، وتدعيم قدرة المزارعين على الصمود، والحد من انبعاث غازات الدفيئة في أساليب الزراعة، والأهداف التي من شأنها جعل الزراعة تراعي تغير المناخ.
 
• إننا نطالب بشدة الحكومات وشركات النفط، الوطنية والمستقلة، بالانضمام إلى قادة الصناعة والالتزام بعالم خال من إحراق الغاز بحلول عام 2030.
 
إذا تمكنت السياسات العامة من توجيه إشارات واضحة يمكن التنبؤ بها مثل هذه، وبناء الاستقرار التنظيمي، فإن المستثمرين سيطبقونها ويتبنونها. هذا أمر بالغ الأهمية.‏ فعلى سبيل المثال، فإن صعود سوق السندات الخضراء يمثل أمراً مثيراً للإعجاب. وفي شهر يناير/كانون الثاني، دعا الرئيس كيم إلى مضاعفة سوق السندات الخضراء إلى 20 مليار دولار قبل انعقاد القمة ووضع أهداف أكبر لاجتماعات المناخ في ليما في وقت لاحق من هذا العام وفي باريس عام 2015. إننا نسير بسرعة بالفعل في الاتجاه الصحيح، والفضل في ذلك يعود على نحو خاص إلى مُصدري السندات الخضراء والشركات ممن يوسعون قاعدة المستثمرين من أجل الأصول الخضراء.
 
هذه مجرد بداية، ولكن يمكن أن يكون لها مردود جوهري - وهو قابل للتحقيق.
 
ويقول لنا أحدث تقرير للفريق الحكومي الدولي المعني بتغيُّر المناخ أيضاً إنه كلما تأخرنا في التصدي لتحدي تغير المناخ، تعين علينا الاعتماد على تكنولوجيا غير مجربة، وارتفعت التكاليف.
 
وهذا ليس اقتصادا سليماً.


بقلم

راشيل كايت

نائبة رئيس مجموعة البنك الدولي والمبعوثة الخاصة، مجموعة تغير المناخ

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000