
تبدأ كل أزمة للديون بتحذيرات لا تحظى بالاهتمام وتنتهي بقيود شديدة على الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، من بين قطاعات أخرى. وغالبا ما تثير هذه الأزمات اضطرابات أهلية وسقوط الحكومة، مما يؤدي إلى انتكاسة دائمة لآفاق النمو في البلد المتضرر.
في أعقاب جائحة كورونا، ارتفعت الديون العالمية. والبلدان المتوسطة الدخل أيضا. وقد أدى ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو إلى تهيئة الساحة لأزمات مالية من النوع الذي اجتاح سلسلة من الاقتصادات النامية في أوائل الثمانينيات.
، وينتشر هذا الخطر في بعضلكن من الخطأ إلقاء اللوم على الجائحة إذا تفجّرت تلك الأزمات. فبذور هذه الأزمات قد نُثرت قبل جائحة كورونا بمدة طويلة. إذ زاد الدين العام، بين عامي 2011 و2019، في عينة من 65 بلدا ناميا بنسبة 18٪ من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط - وبنسبة أكبر بكثير في عديد حالات.
ويشير تحليلنا للقدرة على تحمل أعباء الديون في 65 بلدا ناميا إلى أن العجز الأولي المستمر كان أكبر محرك منفرد للدين العام في تلك البلدان. فتلك البلدان تنفق على نحوٍ يتجاوز إمكانياتها. و
وفي أفريقيا على وجه الخصوص، تشير الشواهد إلى أن الحكومات تعاني من عجز أولي لا لضخ استثمارات مُنتجة طويلة الأجل، بل لسداد الفواتير الجارية. فقد اقترضت ديونا لدفع أجور العاملين في القطاع العام أكبر كثيرا مما اقترضته لبناء الطرق والمدارس والمصانع. ومن بين 33 بلدا من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء في العينة، تجاوز الإنفاق الجاري الاستثمارات الرأسمالية بنسبة تقارب ثلاثة إلى واحد.
ولم يفعل ذلك شيئا لتدعيم قدرتها على سداد الدين. كما أن هذه البلدان لم تلجأ إلى الاقتراض بتكلفة رخيصة - من مقرضين متعددي الأطراف يقدمون فائدة ميسرة على القروض. ففي عام 2010، شكل المقرضون متعددو الأطراف 56% من الدين العام والدين المضمون من الحكومة في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء؛ وبحلول عام 2019، هبطت هذه النسبة إلى 45% فقط. وفي عام 2010، شكلت القروض المقدمة من دائني نادي باريس 18% من الدين؛ وبحلول عام 2019، لم تمثل هذه النسبة سوى 8%. من ناحية أخرى، زاد الاقتراض من الصين والدائنين التجاريين ثلاثة أمثاله تقريبا في الوقت نفسه: من 6% إلى 16%، ومن 8% إلى 24% على التوالي.
ما دام النمو الاقتصادي الحقيقي قويا، تبقى المخاطر محتجبة. إلا بنسبة 3.4% فقط في عام 2022، أي بالكاد نصف المعدل الذي تحقق في عام 2021. ومع ارتفاع أسعار الفائدة للتصدي للتضخم، من المرجح أن يظل النمو ضعيفا خلال العامين القادمين.
غير أن ديناميات الوقت الراهن تسير في الاتجاه المعاكس: إذ من المتوقع ألا تنمو الاقتصادات الناميةلقد حان الوقت لواضعي السياسات كي يعتمدوا القول المأثور: إذا وجدت نفسك في حفرة، توقف فورا عن الحفر." ومع ذلك، فإن اعتماد سياسات جيدة الآن يمكن أن يؤدي إلى إصلاح الكثير من الأضرار:
تعزيز النمو.
وينبغي للحكومات الاستفادة من هذه الأزمة للتحرك بوتيرة أسرع في الإصلاحات الهيكلية الرئيسية.تسريع وتيرة إصلاح سياسات المالية العامة. يعد تحسين كفاءة الإدارة الضريبية وسد الثغرات بداية جيدة، لكن على الحكومات أن تتحرك تجاه توسيع القاعدة الضريبية بطرق تدعم النمو على المدى الطويل بدلا من إعاقته. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز على الأنشطة الضارة بالنمو المستدام والصحة العامة - الضرائب على استهلاك التبغ والانبعاثات الكربونية، على سبيل المثال - مع تخفيض الضرائب على الأنشطة الإنتاجية. ويمكن تحسين الامتثال الضريبي بجعل الأنظمة الضريبية أكثر إنصافا. ويمكن التخلص من تراكم الديون إذا قامت الحكومات بتحسين إجراءات إدارة الدين والإنفاق العام مع تدعيم البيئة القانونية للتعاقد على الديون.
التعجيل بإعادة هيكلة الديون.
وينبغي لواضعي السياسات استكشاف كل فرصة لتشجيع مختلف أنواع الدائنين - الثنائيين والتجاريين والمتعددي الأطراف - على التوصل بسرعة إلى اتفاق يخفف على البلدان التي تتحمّل أعباء مفرطة من الديون.كما أن الأزمات تجلب الفرص. في خضم الأزمات المتداخلة التي نشهدها اليوم، تتفتح أمام الحكومات فرص لنثر البذور من أجل مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا. فلا ينبغي لهم أن يفوتوا هذه الفرصة.
انضم إلى النقاش
مشاكل الدول النامية لم تكن ناتجة فقط عن جائحة كورونا فقط وإنما الأسباب متعددة منها ما هو ذاتي مثل عدم الاستقرار السياسي نتيجة الصراعات والنزاعات المسلحة خاصة في إفريقيا والأوبئة والأمراض .
كما يمكن أن نذكر سبب هام يتعلق بعدم تمكن هاته الدول من تحقيق منوال تنموي وإقتصادي يلاؤم واقعها.
أماالأسباب الخارجية فتتعلق أساسا بأنانية الدول المتقدمة الغنية التي تستغل الثروات الطبيعية للدول الفقيرة بأثمان بخسة وبيعها السلع بأثمان باهضة إضافة إلى عقود شراء مواد أولية في مقابل سلع خاصة من شركات فرنسية.
وأخيرا لابد من إعادة التفكير في القانون الدولي للتنمية وآستنباط طرق جديدة للتنمية بتحقيق تنمية فعلية للدول الإفريقية وايجاد توازن كوني للحد من الهجرة والفقر .
مع الشكر لكم على مساحة التعبير والنقاش الذي يعتبر اللبنة الأولي والضرورية لكل بناء فكري ومؤسسي .