نشر في أصوات

التحرش الجنسي- أين نحن من الحماية القانونية للمرأة؟

الصفحة متوفرة باللغة:
Shutterstock 794228389


تسعى حركة #أنا_أيضا إلى تغيير طريقة تصورنا للتحرش الجنسي، ونأمل أيضا في أن تغير طريقة تصدينا له.  

فقد ظلت المرأة لفترة طويلة من الزمن تعاني من هذا النمط من العنف الذي يؤثر سلبا على قدرتها على التعبير عن رأيها وحقها في الاختيار والفعل فضلا عن قدرتها على المشاركة الكاملة في الاقتصاد والمجتمع. وثمة أدلة عديدة على الكلفة التي يكبدها التحرش الجنسي لأنشطة الأعمال- المتجلية في التسويات القانونية، و وقت العمل الضائع، وفقدان أنشطة الأعمال . بيد أن للتحرش الجنسي أيضا آثارا سلبية على الفرص الاقتصادية للمرأة. فعلى سبيل المثال، إذا لم يكن هناك وسيلة لحماية النساء اللائي يواجهن التحرش الجنسي في أماكن العمل , فبدلا من الإبلاغ عن المشكلة، فإنهن غالبا ما يذكرن أنه ليس لديهن خيار آخر سوى ترك العمل. و هذا قد يعني البدء من جديد، وخسارة الزيادة في الأجور، وفقدان فرص الترقي الوظيفي وإمكانية تحقيق مكاسب  أكثر. وتشير الدراسات إلى أن التحرش الجنسي يقلص من فرص المرأة في النجاح المهني و كذا من الشعور بالرضا في العمل, و مع ذلك فإن العديد من البلدان مازالت لا توفر للمرأة الحماية القانونية اللائقة ضد هذا الشكل المتفشي من أشكال عدم المساواة بين الجنسين. 

وقد جرت العادة على ربط التحرش الجنسي بالعمل وقصر تعريفه على إطار علاقات القوة غير المتكافئة.  ولكن مع مرور الزمن، بدأت البلدان تتصدى بشكل مطرد للتحرش الجنسي بطريقة أكثر شمولا ومن خلال قوانين شتى، كقانون مكافحة التمييز والقانون الجنائي. وينبغي على قوانين التحرش الجنسي أن تعرّف وتجرم التحرش الجنسي كسلوك جنسي غير مرغوب فيه سواء في العلاقات الأفقية أو الرأسية، بما فيها علاقات العمل والتعليم والأماكن العامة والأنماط الأخرى من العلاقات الهرمية.

وينشر البنك الدولي كل عامين بيانات عن هذه القوانين وغيرها من القوانين المعنية بحماية المرأة من العنف وذلك ضمن سلسلة تقاريره عن المرأة وأنشطة الأعمال والقانون. وقد تم مؤخرا نشر تقرير عام 2018 و البيانات المصاحبة له على مستوى كل بلد.

وجد التقرير أن المرأة تعدم الحماية القانونية من التحرش الجنسي في أماكن العمل في 59 بلدا. ويرصد التقرير نقص الحماية القانونية في 70% من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و في النصف من منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، والثلث من منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.  ومن شأن ذلك أن يؤثر على أكثر من 500 مليون سيدة حول العالم. و تشير مجموعة من العَلاقات الطَرْديّة البسيطة إلى أن احتمال ملكية المرأة لمؤسسات الأعمال يزيد حيثما تحظى بالحماية من التحرش الجنسي في مكان العمل. لا يعني هذا النوع من العلاقة الطردية وجود علاقة سببية، لكنه يشير إلى إمكانية حدوث آثار تستحق الاستقصاء في بحث أكثر تفصيلا.  قد يحدث التحرش الجنسي في مجالات أخرى بما في ذلك التعليم حيث يمكن أن يكون لغياب القوانين الملائمة وكذلك عدم إنفاذ القوانين في حالة وجودها آثار بالغة على القاصرات.

خلص التقرير الجديد عن المرأة وأنشطة الأعمال والقانون إلى أنه لا توجد قوانين تحمي النساء والفتيات من التحرش الجنسي في التعليم في  65% من البلدان. وفي بعض المناطق، يذكر الآباء الخوف على فتياتهم من التحرش أو الاعتداء الجنسي وهم في طريقهن إلى المدرسة أو وهن فيها كأحد الأسباب وراء ترك الفتيات الدراسة قبل إتمام المرحلة الثانوية.

يمكن للمعاناة النفسية نتيجة التحرش، والإقصاء الذي قد ينجم عن الحمل بدون زواج في حالة الاعتداء الجنسي، أن تدمر الفتيات المراهقات مما يعرض مستقبلهن و كافة فرصهن في الحياة للخطر. و في بعض الحالات، لا يساهم الخوف من التحرش الجنسي والإساءة في المدارس في تخلي الفتيات عن التعليم فقط ، بل وفي زواج الأطفال مما يؤدي إلى كافة العواقب السلبية التي يجلبها الزواج المبكر.

تستعرض مذكرة صدرت مؤخرا بتمويل جزئي من مبادرة الشراكة العالمية من أجل التعليم تحليلا للتوجهات العالمية والإقليمية المتعلقة بالحماية القانونية للنساء ضد العنف المنزلي والتحرش الجنسي. ويعتمد التحليل على بيانات من عام 2013 إلى 2017 عن القوانين الملزمة واللوائح المطبقة في مجموعة تضم 141 بلدا من أصل 189 تناولها تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون.

في الوقت الذي تحسنت فيه الحماية القانونية للنساء والفتيات على مدى السنوات الأربع الماضية، إلا أن التقديرات لعدد النساء اللائي يعدمن الحماية القانونية من التحرش الجنسي لم تتراجع بدرجة كبيرة، حسب ما كشفه تحليل التوجهات العالمية.  

على سبيل المثال, و بالنسبة للتحرش الجنسي في العمل، فقد انخفض عدد النساء المحرومات من الحماية القانونية من 16% تقريبا عام 2013 إلى 13.5% عام 2017، فيما تقلص عدد النساء والفتيات غير المشمولات بالحماية من التحرش الجنسي في التعليم بنسبة أقل من 57.5 إلى 55% خلال الأربع سنوات الأخيرة وذلك بالنسبة لنفس المجموعة المكونة من 141 بلدا، مما نتج عنه 1.5 مليار سيدة بدون حماية (لأغراض المقارنة، تستند الإحصائيات إلى الفئة السكانية من النساء ممن هن في سن الخامسة عشر أو أكثر). وترتفع تلك التقديرات عندما تستند إلى انعدام العقوبات الجنائية على الجناة.
بينما لا تشكل قوانين مكافحة التحرش الجنسي علاجا للتحرش، إلا أنها خطوة أولى مهمة. يعتبر وجود القوانين المناسبة أمرا مهما لتوفير الحماية القانونية للنساء ضد التحرش الجنسي، و مؤشرا على الالتزام بتحقيق أحد أهداف التنمية المستدامة المتمثل في إنهاء كافة أشكال العنف والممارسات الضارة ضد النساء والفتيات بحلول عام 2030.


بقلم

كوينتن وودون

خبير اقتصادي كبير، قطاع التعليم، البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000