نشر في أصوات

ما الذي يمكن عمله للحد من زواج الأطفال؟

الصفحة متوفرة باللغة:
هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English

لا يزال زواج الأطفال يشكل ظاهرة شائعة نسبيًّا برغم مخالفته للقانون في أماكن كثيرة. وتشير التقديرات المبينة في ورقة عمل حديثة أعدها كل من "نينا بوكمان" و"إريكا فيلد" و"راشيل غلينرستر" و"شاهانا نازنين" و"سفيلتانا بيمكينا" و"إيمان سين"، إلى أن 142 مليون فتاة صغيرة سيصبحن عرائس في الفترة بين 2011 و2020.

فما الذي يمكن أن يفعله صانعو السياسات؟ يُعد تمكين الفتيات من الخيارات المطروحة. وثمة خيار آخر يتمثل في إعطاء الأسرة (ولا سيما آباء البنات) تحويلًا مشروطًا إلى أن يصبحن أكبر سنًّا. وتعمل "بوكمان" وفريقها مع منظمة إنقاذ الطفولة في بنغلاديش (البلد الذي يحتل المرتبة الثانية في أعلى معدل زواج للأطفال في العالم) على تجربة هذه الطريقة.

وقد طُبِّق هذا البرنامج (عشوائيا) على ثلاث مجموعات مختلفة، في ست مقاطعات فرعية في جنوب وسط بنغلاديش، وذلك في إطار البنية الأساسية لبرنامج الأمن الغذائي التابع لمنظمة إنقاذ الطفولة. فقد حصلت إحدى المجموعات على برنامج للتمكين، نفذته “جمعية التنمية البنغلاديشية”، وشمل حيزًا آمنًا يسمح للفتيات بالالتقاء والاختلاط الاجتماعي، إضافة إلى منهج دراسي يتناول المبادئ الأساسية للقراءة والكتابة والحساب والمهارات الحياتية والتغذية والصحة الإنجابية، يتولى تدريسه معلمون. وتلقت المجموعة الثانية تحويلًا عينيًّا من زيت الطهي (بقيمة 16 دولارًا سنويًّا لمدة سنتين) شريطة عدم زواج بناتها حتى سن الثامنة عشرة (سنّ الموافقةِ القانونيةِ). ويقتصر استلام التحويلات على الفتيات فحسب. وأخيرًا، حصلت مجموعة ثالثة على كل من التحويلات وبرنامج التمكين. وجمعت "بوكمان" وفريقها مجموعة ضخمة من البيانات لدراسة آثار هذا البرنامج. وشملت العينة الكلية للدراسة 15739 فتاة، مع حصة مزدوجة في كل من مجموعة التمكين والضبط. واستمر البرنامج من نهاية عام 2007 إلى أغسطس/ آب 2010، وتم اللقاء مع هذه المجموعة بعد حوالي 4 سنوات ونصف السنة.

ما هي النتيجة ؟ أدت التحويلات المشروطة إلى تقليل زواج الأطفال (أي دون سن 18) بنسبة 23% (أو 6.3 نقاط مئوية). ولم يُحدِث التدريب في مجال التمكين أي أثر كبير. ولم يُحدِث الجمع بين التدريب والتحويلات أي أثر يتجاوز التحويل. وبالنسبة إلى التوزيع، فيبدو أن البرنامج قد أجّل سن الزواج إلى ما بعد 18عامًا، مع تقارب سن الزواج للمجموعات المعالجة والضبط من سن 22 عامًا.

ومن الواضح أن التحويلات قد أدت إلى تأخر سن الإنجاب الأول، وانخفض معدل حمل المراهقات في هذه العائلات بنسبة 13% (2.9 نقطة مئوية). ولا يوجد أي أثر ملموس لبرنامج التمكين – سواء عند تطبيقه بمفرده أو مع عملية التحويلات.

وفي النهاية، نظرت "بوكمان" وفريقها إلى نتائج التعليم. فبينما كان البرنامج مفتوحًا أمام الفتيات في المدرسة وخارجها على السواء، انصب تركيز "بوكمان" وفريقها على الفتيات في المدرسة في بداية البرنامج، بالنظر إلى أن الفريق قد لاحظ أنه من غير المحتمل أن تعود الفتيات إلى صفوف الدراسة مرة أخرى بعد تركهن لها. ونتج عن عملية التحويلات زيادة بنسبة 12% (3.3 نقطة مئوية) في احتمال تعليم الفتيات في المدرسة من سن 22-25 (نسبة كبيرة تبلغ 10%). ومرة أخرى، من الواضح أن برنامج التمكين لم يُحدِث أي أثر كبير. بيد أن الاستثناء الوحيد كان حين ركز الفريق على الفتيات اللاتي كان عمرهن 15 عامًا عند بدء البرنامج (وبالتالي طُبِّق عليهن البرنامج لأطول فترة). وسجلت هؤلاء الفتيات زيادة بنسبة 10% (2.9 نقطة مئوية) في احتمال التحاقهن بالمدارس (تحظى بالأهمية بالوصول إلى نسبة 10%).

وبالإضافة إلى النتائج المثيرة للاهتمام بشكل عام، تتضمن ورقة الدراسة بضع نقاط منهجية دقيقة. أولًا، قبل طرح النتائج للنقاش، تشير "بوكمان" والفريق العامل معها بوضوح إلى حجم التأثير لكل مجموعة.

ثانيًا، أمضى الفريق وقتًا كافيًا في الحديث عن طرق التحقق من البيانات والتي لم تشمل فقط معاودة التحقق، بل تضمنت أيضًا مقابلات هاتفية للمتابعة مع الأسرة، وقد أسفرت عملية معاودة التحقق من البيانات عن وجود أخطاء في كثير من المتغيرات المختلفة.

ثالثًا، تحدث الفريق بشفافية تامة عن تناقص البيانات أو غيابها. فقد واجه الفريق مجموعة من المسائل. أولًا، فقدت الشركة المكلفة بإدخال البيانات بعض النسخ الورقية المحتوية على بيانات، وأخطأت أيضًا في إدخال أرقام الهوية. ثانيًا، أدى إعصار إلى نزوح مجتمعات محلية بأكملها. وأخيرًا، كانت هناك مجموعة من المصاعب المتنوعة في تتبع أحداث أربعة أعوام ونصف العام في وقت لاحق. وهذا المستوى من المصداقية يثلج الصدر لا سيما في ما يخص أمورًا عادة لا يحالفها النجاح، بالإضافة إلى مجهود "بوكمان" وفريقها في اكتشاف الأمر برمتهِ (وبطبيعة الحال، في أن توضح لنا أن ذلك لا يتحقق من النتائج التي انتهى إليها الفريق).

رابعًا، لم تتولَّ "بوكمان" وفريقها العمل بفعالية من حيث التكاليف فقط (على سبيل المثال التحويل المشروط)، بل لديها ملحق شامل حيث يجري قياس الإجراء التدخلي في مقابل مجموعة من الإجراءات التدخلية الأخرى التي تؤثر على الزواج وتبرز الفائدة المتحصل عليها مقابل المال المدفوع. وفي المجمل، ينطوي نجاح عملية التحويلات على كثير من النقاط المنطقية. وبحسب ما أشارت إليه "بوكمان" وفريقها، كلما تأخرت سن زواج النساء ارتفع المهر الذي يتعين على الأسرة دفعه. وسيكون من المثير للاهتمام رؤية كيف يحالف النجاح عمليات التمكين مقابل التحويلات المشروطة، في بلد لا تكتسي فيه مسألة المهر بأهمية كبيرة. ولكن من المؤكد أن طرح مسألة التحويلات النقدية المشروطة يُعد خيارًا جيدًا.


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000