نشر في أصوات

نظام العقوبات بمجموعة البنك الدولي: تشجيع الحوكمة الرشيدة والتصدي للفساد

نظام العقوبات بمجموعة البنك الدولي: تشجيع الحوكمة الرشيدة والتصدي للفساد مصدر الصورة: Shutterstock

المساءلة مبدأ أساسي من مبادئ الحوكمة الرشيدة، ولكن في عالم سريع التطور، كيف يمكن للمؤسسات العامة أن تضمن بقاء الرقابة المتبادلة بين السلطات قوية ومتجاوبة مع التغير؟

لقد قامت مجموعة البنك الدولي مؤخراً بتعزيز رسالتها ورؤيتها وتوجههاً الإستراتيجي لتلبية المطالب الملحة اليوم وغداً، ونقوم حاليا بإعادة رسم مسار أسلوب عملنا مع البلدان والجهات المتعاملة معنا وشركائنا، بما في ذلك الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات متعددة الأطراف الأخرى، كي نصبح أقل بيروقراطية وأكثر مرونة وفاعلية وكفاءة، كما نعمل على زيادة الإقراض، وتعزيز قدراتنا التمويلية لجعل القروض ميسورة التكلفة ويسهل الحصول عليها، فضلاً عن العمل بفاعلية في المناطق التي تعاني من الهشاشة والصراع، لا سيما وأن هذه المناطق لا يذهب إليها الكثيرون لتقديم يد العون والمساندة.

ومع هذا النمو تشتد المخاطر، واحتمال تحول أموال مجموعة البنك الدولي عن مسارها بسبب الاحتيال والفساد مازال يشكل تهديداً مستمرا لعملياتنا وأهدافنا الإنمائية. وفي إطار العمل من أجل أن نكون بنكاً أفضل يسعى جاهداً لتحقيق السرعة والكفاءة، يجب أن تحتل المساءلة مركز الصدارة وأن تشكل ركيزة كل ما نقوم به.

ولحماية أموالنا من الضياع والهدر وسوء الاستخدام، تعتمد مجموعة البنك الدولي على نظام صارم للعقوبات، وهو آلية ذات مستويين تدعم معايير النزاهة في أنشطة التمويل والضمانات التي نقوم بها. ويضمن هذا النظام أن أموالنا تصل إلى الأغراض التي صُرفت من أجلها من خلال محاسبة المخطئين في إطار نظام العقوبات. ولكن ما مدى استعداد هذا النظام لمواجهة تحديات الغد؟

في أي نظام للفصل في القضايا والمنازعات، هناك 3 ركائز رئيسية تشكل أساسا قويا هي الاستقلالية والشفافية والعدالة. وهذا لا يساعد الإجراءات والعمليات على التكيف مع الزمن فحسب، بل يضمن أيضا أننا مستعدون للتغيير في أي وقت.

والاستقلالية هي أساس نظام العقوبات لدينا. وبدونها، فإن أي قرار تتخذه مجموعة البنك الدولي سيفتقر إلى المصداقية وسيكون قابلاً للطعن عليه. وتشمل مكونات النظام: مكتب نائب الرئيس لشؤون النزاهة الذي يحقق في مزاعم المخالفات الموجهة ضد الشركات والأفراد وتقنين الإجراءات ذات الصلة؛ ومكتب الإيقاف والحرمان، الذي يقوده رئيس خبراء مكتب الإيقاف والحرمان، وهو المستوى الأول من المراجعة؛ ومجلس العقوبات، وهو محكمة إدارية تتألف من 7 حقوقيين عالميين خارجيين، وهي المستوى الثاني والأخير من المراجعة والبت. وتلتزم هذه الوحدات بمبادئ الحياد والاستقلال وتضطلع بمسؤولياتها دون ممارسة أي تأثير أو نفوذ عليها دون اقتضاء. ويتبع أعضاء مجلس العقوبات، على وجه الخصوص، قواعد أخلاقية صارمة تسمح لهم بالتنحي في حالات التضارب الحقيقي في المصالح وفي أي موقف يمكن أن يثير قدراً معقولاً من الريبة والشك حول حياد العضو أو استقلاليته.

والشفافية والمساءلة يسيران جنباً إلى جنب. ومن خلال العمل الشفاف والمعلن للجميع على رؤوس الأشهاد وتبادل المعلومات علناً، يبني نظام العقوبات الثقة والمصداقية في إجراءاته وعملياته ويضمن الاتساق في النتائج التي يتوصل إليها. ومنذ بدء نظام العقوبات في عام 2007، قام بفرض عقوبات على 828 شركة وفرداً. وأصدر مكتب الإيقاف والحرمان 271 إخطاراً بإجراءات عقوبات لم يتم الطعن عليها تتعلق بنحو 415 عقوبة، كما أصدر مجلس العقوبات 143 قراراً. وهذه الوثائق متاحة على شبكة الإنترنت ليتمكن الجميع من الاطلاع عليها، فضلاً عن الخطوات والعمليات والإجراءات المطبقة. وتظهر تقاريرنا السنوية أيضا التزامنا بالشفافية.

وأخيراً، يجب أن يحكم الإنصاف كل ما نقوم به، ونظام العقوبات يلتزم بمبدأ عدم تعرض أي طرف لإجراءات إدارية سلبية دون اتباع إجراءات قانونية كافية وملائمة. ويعني ذلك وجود الضمانات اللازمة حتى يتسنى لجميع أصحاب المصلحة والأطراف المعني - بما في ذلك عامة الجمهور- الثقة في نتيجة إجراءات التقاضي. وقد أثّرت هذه الضمانات على العديد من جوانب ممارسات نظام العقوبات، بما في ذلك الحق في اللجوء إلى مستويين من المراجعة المستقلة، والحق في تلقي إشعار بالادعاءات والأدلة الداعمة لها، وفرصة للمدعى عليه للاستماع إلى أقواله (من خلال مرافعات مكتوبة، وجلسة استماع على مستوى مجلس العقوبات)، والحق في توكيل محام.

ويكفل الامتثال لهذه الركائز الثلاث جاهزية نظام العقوبات وقدرته على مواجهة التحديات المطروحة. وحتى يتسنّى لنا الاستعداد للمستقبل، علينا مواصلة العمل مع الشركاء الداخليين والخارجيين لتشجيع الابتكار، وتعميق معارفنا، وتحسين أوجه الكفاءة لدينا. وأحد الإنجازات الأخيرة كان نشر مراجعات للمبادئ التوجيهية لنظام العقوبات بمجموعة البنك الدولي، وهذه المراجعات جزء من التزامنا بهذا التطور وتأصيل المساءلة.

ويساعد التعاون وتنسيق الجهود مع بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى في الحفاظ على كفاءة عملياتنا وإجراءاتنا وتحديثها. ومن شأن العمل المشترك أن يعزز جهودنا الفردية، كما يسهم في إيجاد إطار عالمي أكثر قوة. وتزيد مبادرات بنوك التنمية متعددة الأطراف، مثل اتفاقية التنفيذ المتبادل لقرارات المنع والحرمان المعروفة باسم اتفاقية الحرمان المتبادل، من الاتساق وتعظيم أثر تدابير المساءلة على مستوى كل مؤسسة. وبمساعدة من مسؤول الامتثال لشؤون النزاهة بمجموعة البنك الدولي ، يجب أن نستمر في مساعدة الكيانات الخاضعة للعقوبات على تحسين سياساتها الداخلية وممارسات عملها.

وفي الوقت الذي تعمل فيه مجموعة البنك الدولي على تحقيق رسالتها باعتماد أساليب مبتكرة، يمكن للشركاء والبلدان المتعاملة معها على حد سواء أن يطمئنوا إلى أن نظام العقوبات يتسم بالمرونة ويراعي المستجدات ويفي بالغرض المنشود منه في هذا العالم سريع التغير.

 


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000