بطاقة قياس الأداء المؤسسي لمجموعة البنك الدولي تحدد المستهدفات: البطاقة تتسق مع تقييمات الأثر

الصفحة متوفرة باللغة:
بطاقة قياس الأداء المؤسسي لمجموعة البنك الدولي تحدد المستهدفات: البطاقة تتسق مع تقييمات الأثر

على مدى سنوات عديدة، اعتمدت أنظمة مجموعة البنك الدولي لقياس النتائج نهجين متوازيين ومتكاملين: (1) بطاقات قياس الأداء المؤسسي التي ترصد التقدّم المحرز من خلال مؤشرات وأهداف محددة على مستوى النتائج، و(2) تقييمات الأثر التي تهدف إلى فهم فاعلية البرامج والمشروعات، وتحديد المشروعات التي تحقق النتائج المرجوة، والفئات والبلدان والمناطق المستهدفة، فضلاً عن تحليل أسباب تحقيق النجاح. ورغم قوة كل منهما في مجاله، غالباً ما عمل كل منهما بمعزل عن الآخر.

ومع ذلك، بدأ هذا النهج يشهد تحولاً ملحوظاً.

في ظل التحديات الراهنة، من محدودية الموازنات إلى تعقيد المشكلات والدعوة المتجددة لإحداث أثر تحويلي، تبذل مجموعة البنك الدولي جهوداً حثيثة لمواءمة هذه الأدوات بشكل منهجي ومتسق. ونحن الآن نسعى إلى تعزيز الروابط الوثيقة بين بطاقات قياس الأداء وبرامج تقييمات الأثر المتزايدة، بهدف تحقيق فهم أعمق للطريقة التي تحقق بها البرامج تأثيراً ملموساً وعلى نطاق واسع.

تحديد النتائج وكيفية تحقيقها

تمثّل بطاقة قياس الأداء الركيزة الأساسية لطموحات مجموعة البنك الدولي في تحقيق أهدافها المرتبطة بالنتائج على مستوى قطاعات مثل المناخ، وفرص العمل، والنوع الاجتماعي، والشمول. فهي تتيح لنا تتبّع التقدم المحرز وفهم موقعنا الحالي، لكنها لا تُمكّننا من استيعاب الأسباب الكامنة وراء هذا التقدم أو التأخر في بلوغ النتائج المرجوة.

وهنا يبرز دور تقييمات الأثر، التي توفر فهماً سببيّاً ضرورياً لتحديد الإجراءات التدخلية الفعّالة، وفهم الظروف التي تُسهم في تحقيق الأثر المرجو، فهي تعزز سلسلة النتائج من خلال ربطها بالعوامل المؤثرة، وتمكّن من اتخاذ الإجراءات التصحيحية في الوقت المناسب.

لا يقتصر عمل هذه الأنظمة على تتبع التغيير فحسب، بل تفسيره وفهم أسبابه، مما يمكّننا من الكشف عن العوامل الحقيقية المؤثرة في تحقيق النتائج.

المرونة وسرعة الأداء مع التحليل الوافي

جرت العادة أن تُصمم بطاقات قياس الأداء لتكون سريعة الاستجابة، مع تحديثات دورية ومتابعة منتظمة وقصيرة المدى للأداء، في حين كانت تقييمات الأثر تُعتبر عمليات أبطأ، وذات طابع أكاديمي. إلا أن هذا الانقسام بدأ يتقلص تدريجياً.

أصبحت التقييمات الحالية أكثر مرونة وملاءمة من أي وقت مضى. كما يمكن دمج التجارب العشوائية السريعة، والتصاميم التكيفية، واختبارات المقارنة "A/B" ضمن تصميم المشاريع، دون التأثير على سرعة التنفيذ. وعندما تستند هذه التقييمات إلى نظريات تغيير قوية وتدعمها أنظمة بيانات عالية الجودة، ستكون قادرة على تحقيق نتائج أولية تساعد على توفير معلومات فورية لاتخاذ القرارات السليمة.

لا يقتصر هذا النهج على التصميم الجيد فحسب، بل يستلزم أيضاً وجود بنية تشغيلية قوية لتطبيق الدروس المستفادة. ولهذا السبب، تدمج تجاربنا التكيفية فرق دعم التنفيذ مباشرة في مواقع تنفيذ المشروعات، لتحويل الشواهد والأدلة إلى إجراءات عملية من خلال المنصات الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وآليات المراجعة والتقييم السريعة، فضلاً عن التعاون الوثيق مع الشركاء الحكوميين.

يكمن السر في البدء المبكر، والحفاظ على المرونة، والالتزام بتحقيق النتائج المرجوة. وعند التنفيذ الصحيح، تتحوّل تقييمات الأثر من مجرد مراجعة بعد التنفيذ إلى محرك رئيسي لتسريع التعلم واكتساب الخبرات.

الانتقال من العشوائية إلى التخطيط الإستراتيجي

إذا كانت بطاقة قياس الأداء تمثِّل مؤشراً إرشادياً لمجموعة البنك الدولي، فيجب أن تعمل تقييمات الأثر على تسليط الضوء على كل المسارات التي تحددها هذه البطاقة. ولتحقيق ذلك، ينبغي أن تكون التقييمات متوافقة مع مجالات الأهداف المؤسسية للمجموعة، ابتداءً من خفض الانبعاثات، وصولاً إلى بناء القدرة على الصمود وخلق فرص عمل جيدة.

ينبغي أن تركِّز برامج التقييم على الإستراتيجية المؤسسية، بعيداً عن الانجراف وراء البحث الأكاديمي من أجل المعرفة أو مصالح التمويل الانتهازي. ويستلزم ذلك تطبيق معايير صارمة في مجالات جديدة مثل تمويل المناخ، والهشاشة، وتحفيز رأس المال الخاص، تماماً كما هو معمول به في قطاعي التعليم والصحة.

يستلزم التحول من اغتنام الفرص بشكل عشوائي إلى التخطيط الإستراتيجي المنظم اعتماد نهج مدروس، يعزز التعاون بين القطاعات، ويضمن استثماراً مستمراً في التعلم.

من إثبات النجاح إلى تحسينه

 غالباً ما نتحدث عن ثقافة تحقيق النتائج لكن هذه الثقافة تقتصر على حصر الإنجازات بصورة كمية دون مراعاة الجودة النوعية والجوانب الأخرى. لذا، فإن الثقافة الناضجة تتجاوز حصر النواتج إلى تحديد الأسباب، وتشجيع التعلم والتكيف، والتحسين المستمر للمشروعات خلال دورة حياتها من خلال الفحص والاختبار وتبني الأساليب المتطورة.

عند دمج التقييمات في دورة تنفيذ المشروع وربطها مباشرة بالمستهدفات المؤسسية، تتحول من أداة لإثبات النجاح إلى تحسينه وتطويره باستمرار. كما تمكّننا هذه التقييمات من تقديم تحليلات دقيقة للنتائج استناداً إلى الشواهد والأدلة. والأهم من ذلك، توجيه الاستثمار نحو ما يحقق النجاح.

يمثِّل ذلك أهمية بالغة بالنسبة للنواتج التي تتحقق مع الوقت. على سبيل المثال، قد تبدو برامج ريادة الأعمال ناجحة وفق مؤشرات مثل زيادة معدلات تسجيل الشركات، إلا أن التقييم يظهر الإجراءات التدخلية الفعّالة التي تخلق وظائف مستدامة، مثل التوأمة بين التمويل والتوجيه المهني.

على غرار ذلك، قد تسجِّل برامج التدريب وتنمية المهارات معدلات مرتفعة بشأن الحصول على الشهادات، لكن التقييم يوضِّح النماذج التي تحقق فعلياً زيادة في الدخل وزيادة فرص العمل وتعزيز الشمول، وخاصة بالنسبة للنساء والشباب.

 

التوجيه الصحيح اليوم يدعم تحقيق الأثر المطلوب في المستقبل

الخلاصة: تكشف لنا بطاقات قياس الأداء مدى التقدم الذي نحرزه، أما تقييمات الأثر فتُظهر ما إذا كنا نسير في الاتجاه الصحيح، موضحة الأسباب المنطقية وراء ذلك.

على سبيل المثال، نجد أن المشاريع التي تدمج التجارب العشوائية منذ المراحل المبكرة من التنفيذ تستهدف اختبار أشكال مختلفة من برامج التدريب، وهياكل الحوافز، وآليات الاستهداف. ومن خلال الحصول على معلومات أولية وإجراء التعديلات أولاً بأول، يمكن لهذه المشاريع التكيف مع النماذج التي تحقق أفضل النتائج قبل التنفيذ الكامل. هذا النهج لا يقتصر على اكتساب المعرفة فحسب، بل يعني توجيه المشروع من خلال التجارب العملية.

ويشكِّل التكامل بين بطاقة قياس الأداء وتقييمات الأثر عاملاً محورياً لتحقيق أجندة التوظيف، حيث تعتبر السرعة والفاعلية أساساً لتحقيق النتائج المرجوة. وبدمج متابعة الأداء مع التقييمات الصارمة، تتمكن مؤسسات مجموعة البنك الدولي من تصحيح مسارها على نحو فوري مع الاستمرار في السعي نحو نتائج طويلة الأمد.

في مجموعة البنك الدولي، لم تعد تقييمات الأثر وبطاقات الأداء أدوات منفصلة، بل أصبحنا ندمجهما بشكل مدروس وإستراتيجي لضمان أن تكون النتائج قابلة للرصد وذات أثر فعلي ملموس.

من خلال هذا التكامل، نستطيع تحديد المستهدفات بناء على بطاقة قياس الأداء، وبناء نظام تنفيذ علمي ومرن وقادر على التكيف مع المستجدات لتحقيق نتائج أفضل، بوتيرة أسرع، مع أثر مستدام.


ليساندرو مارتن

مدير الدائرة المعنية بالنواتج بمكتب المدير المنتدب الأول في مجموعة البنك الدولي

أريانا ليجوفيني

مديرة تقييم الأثر الإنمائي في مجموعة البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000