
ارتفاع معدل التضخم. تباطؤ النمو. تشديد الأوضاع المالية
بيد أن ثمة عنصراً رابعاً يمكن أن يجعل هذا المزيج قابلاً للانفجار، ألا وهو ارتفاع ديون اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
فهذه الاقتصادات تمثل معاً نحو 40% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. وعشية الحرب، كان العديد منها بالفعل يقف على أسس واهية. وقد أدت أزمة كورونا إلى زيادة إجمالي المديونية، التي ارتفعت على مدار السنوات العشر الأخيرة، إلى أعلى مستوى لها منذ 50 عاماً - حيث بلغت ما يعادل أكثر من 250% من إيرادات الحكومات. وكان نحو 60% من بلدان العالم الأشدّ فقراً إما أنها في حالة مديونية حرجة بالفعل أو معرضة لمخاطر عالية تهدد ببلوغها. وبلغت أعباء خدمة الديون في البلدان متوسطة الدخل أعلى مستوى لها في 30 عاماً، وشهدت أسعار النفط ارتفاعاً مطرداً، وارتفعت أسعار الفائدة في مختلف أنحاء العالم.
وفي ظروف كتلك، تبين لنا التجارب التاريخية أن حدوث مفاجأة أخرى هو كل ما يلزم لإشعال الأزمة. . ففي مختلف أنحاء أفريقيا، على سبيل المثال، أخذت تكاليف الاقتراض الخارجي في الارتفاع: ارتفعت فروق العائد على السندات بواقع 20 نقطة أساس في المتوسط. وفجأة أصبحت حسابات البلدان المتعلقة بارتفاع الديون، ومحدودية الاحتياطيات، والمدفوعات التي سيحل استحقاقها قريباً مختلفةً تماماً: حيث فضلت سري لانكا، على سبيل المثال، الأسبوع الماضي النظر في إمكانية الدخول في برنامج يسانده صندوق النقد الدولي في مواجهة أعباء خدمة الديون الثقيلة.
أزمة ديون أمريكا اللاتينية في الثمانينيات من القرن الماضي. ولن يشبه كذلك حالات الديون غير المستدامة التي زادت عن 30 حالة ودفعت إلى إنشاء المبادرة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك) في منتصف التسعينيات. لكنه يظل كبيراً - وهو أكبر موجة من أزمات الديون في الاقتصادات النامية خلال جيل.
وهذا عدد كبير، لكنه لن يشكل أزمة ديون عالمية شاملة - فهو لن يشبه على سبيل المثالوإذا وقعت هذه الأزمات، فإنها ستُحدث تحولاً في المشهد العالمي. فقبل ثلاثين عاماً، كانت الاقتصادات النامية مدينة بمعظم ديونها الخارجية لحكومات أخرى – أي دائنين ثنائيين رسميين - وجميعها تقريباً أعضاء في نادي باريس. ولكنَّ الأمر ليس كذلك اليوم: . وفي هذا العام، لن يذهب سوى 5 مليارات دولار إلى الدائنين في نادي باريس من بين نحو 53 مليار دولار سيتعين على البلدان منخفضة الدخل سدادها من مدفوعات خدمة ديونها العامة والمضمونة من قبل الحكومات. أضف إلى ذلك أن معظم ديون الاقتصادات النامية تنطوي الآن على أسعار فائدة متغيرة، مما يعني أنها قد ترتفع فجأة كما هو الحال بالنسبة لأسعار الفائدة على ديون بطاقات الائتمان.
لكن الآليات العالمية الرئيسية المتاحة اليوم للتصدي لأزمات الديون لم تكن مصممة للتعامل مع هذه الظروف، ومن ثم بات لزاماً علينا تحديثها.
وقد اضطلعت مجموعة العشرين بدور بالغ الأهمية في هذه العملية على مدى العامين الماضيين. فمع تفشي جائحة كورونا، وبناءً على طلب وإلحاح من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، سارعت مجموعة العشرين بإنشاء مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين، التي جمعت معاً أعضاء نادي باريس وغيرهم لتقديم نحو 13 مليار دولار لتعليق مدفوعات الديون لنحو 50 بلداً. لكن المبادرة كانت شبكة أمان مؤقتة انتهى العمل بها في نهاية عام 2021، في وقت كان التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا قد بدأ يفقد زخمه.
وفي أعقاب انتهاء العمل بالمبادرة، وضعت مجموعة العشرين إطار العمل المشترك لمعالجة الديون بخلاف المبادرة نفسها. وحتى الآن، لم يتقدم بطلبات للانضمام إلى هذا الإطار سوى ثلاثة بلدان، وكان التقدم المحرز في إعادة هيكلة ديونها بطيئاً، وهو ما يبعث بإشارة خاطئة تماماً إلى البلدان الأخرى التي تعاني من مديونية غير قابلة للاستمرار، والتي امتنع الكثير منها عن السعي للحصول على تخفيف لأعباء الديون بسبب بطء التقدم المحرز على وجه التحديد: فهي تخشى أن يؤدي تفعيل الإطار المشترك إلى قطع سبل وصولها إلى رأس المال الخاص دون استئناف تدفقات الائتمان الثنائي.
ومن الناحية العملية، فإن الإطار المشترك هو الخيار الوحيد المتاح - ويمكن بل ويجب تحسينه في الوقت المناسب لتقديم إغاثة مجدية للبلدان التي تحتاج إليها. وقد طرح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خارطة طريق لهذه المشكلة:
- أولاً، وضع جدول زمني واضح لما ينبغي أن يحدث عند التنفيذ: فعلى سبيل المثال، ينبغي تشكيل لجنة الدائنين في غضون ستة أسابيع.
- ثانياً، تعليق مدفوعات خدمة الديون المستحقة للدائنين الرسميين طوال مدة المفاوضات بالنسبة لجميع البلدان المتقدمة بطلبات للانضمام إلى إطار العمل المشترك.
- ثالثاً، تقييم معايير وإجراءات قابلية مقارنة طرق المعالجة وتوضيح قواعد تنفيذها
- • ورابعاً، توسيع نطاق متطلبات الأهلية للإطار المشترك التي تقتصر حالياً على 73 بلداً من أشدّ البلدان فقراً، بحيث تشمل بلداناً أخرى مثقلة بالديون ومعرضة للخطر في الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل أيضاً.
ضئيلاً للغاية أو متأخراً جدا. وقد حان الوقت لتبني نهج يتلاءم مع القرن الحادي والعشرين - نهج قوامه المبادرة وليس رد الفعل، نهج يحول دون اندلاع الأزمة في المقام الأول.
، حيث كان تقديم مساعدات تخفيف أعباء الديون
انضم إلى النقاش
تطوير أساليب الاستثمارات هو من الحلول البديلة لخلق مناخ اقتصادي عالمي مرن
ان الحلول المقترحة للتصدي لازمة الديون تعمل على تثبيت هذه الازمة و تعطيها شرعية للوجود اكثر و تعمل كذلك على تمكينها في جميع الاقتصادات العالمية مهما تفاوتت درجتها لان التصدي لازمة المديونية هو السعي الحقيقيي الى تغيير نمط الاقتصادات المعتمدة خاصة في الدول الفقيرة و متوسطة الدخل التي ترتكز على الاقتصاد المحوري ان صحت هذه التسمية و عدم التفكير مطلقا في الاقتصاد البديل المتنوع الذي يسمح بخلق مجالات و مساحات بديلة من شانها التخفيف من حدة الازمات التي تواجهها اقتصادات العالمية.لان الازمة تستهدف مكون واحد على الاقل حتى لو كان اساسيا و لكن يمكن التجاوز او التغلب اذا كان الاقتصاد متنوعا ومرنا . و لعل هذا يمثل احدى الاليات التي تضاف الى حلول اخرى بعيدا عن التوجه الاتكالي الذي يطيل من عمر المديونية .فيجب على الاقل الحد منها و العمل في الوقت نفسه بمنطق الاقتصادات المدعمة توجه للدول الفقيرة على وجه التحديد من اجل ضمان التخلص المستدام من ازمة المديونية تدريجيا و الاعتماد على اقتصادات صحية مؤهلة لمجابهة الازمات بنهج و اساليب حديثة لا تستعيد حلول الماضي بقدر ما تكيفها مع الواقع الراهن.
أزمة الديون تحتاج إلى مواطن مدعوم عنده إشباع لحاجات الاساسيه
ومنها توفر مصادر دخل بمقابل يخدم المصلحة المشتركة وحتى يلتفت الى ما يحصل حالياً وما يدور حوله
والبدء بالدفع نحو العمل والمشاركة في حل الأزمات
لا أظن أن اعادة جدولة الديون و تأخير سداد خدمات المديونية في الببلدان المديتة هو الحل الأمثل بل انه مجرد تأخير للأزمة، من هنا يمكنني القول أن المشكل سياسي قبل أن يكون اقتصاديا لذا وجب على الدول الدائنة و المؤسسات الدولية الحرص على اقراض الأموال للدول السليمة سياسيا لضمان انفاقها في مشاريع تنموية مدروسة.
شكرا