زيادة التأمين الصحي بأسعار معقولة: تحقيق نفس الأهداف بطرق مختلفة

|

الصفحة متوفرة باللغة

             زيادة التأمين الصحي بأسعار معقولة: تحقيق نفس الأهداف بطرق مختلفة

ليس النقاش الدائر حول ضمان توفير الخدمات الصحية الجيدة للجميع بأسعار معقولة بالشيء الجديد (E) .

ومع هذا، فقد اكتسب هذا النقاش زخما جديدا مؤخرا تحت قناع التغطية الصحية الشاملة. والمناقشات حول هذه التغطية محل خلاف، وكما أوضح تيم إيفانز مؤخرا، "فالكثير من السجالات لا تبرح مكانها حول ما إذا كان تمويل هذا النظام سيتم من خلال الإيرادات الحكومية، أم الضرائب، أم من خلال الاشتراكات في نظام التأمين".


وما يزال الجدل مستمرا، وأبطاله منقسمون إلى معسكرات متعددة. ويدفع أنصار توسيع مظلة التأمين الصحي بأنه يتيح الحصول على الرعاية لكنه يغض الطرف عن قوائم الانتظار الطويلة، وعن تدني مستوى الرعاية المقدمة، وسوء المعاملة التي كثيرا ما تتعرض له الأسر عند استخدام الخدمات العامة التي تقدمها وزارات الصحة. ويوضحون أن العديد من المشاكل التي يلاحظ أنها تصاحب التأمين الصحي تتعلق بشكل وثيق بأنظمة الدفع عبر طرف ثالث، ويصدق هذا بالقدر نفسه على الخدمات الحكومية المدعومة أو المتاحة مجانا.

ويصم المعارضون التأمين الصحي بأنه شر ينبغي درؤه مهما كلف الأمر. فهم يرون أن التأمين الصحي يحول الموارد الشحيحة بالفعل بعيدا عن الفقراء، ويؤدي إلى الإفراط في الرعاية مما يزيد التكلفة (خاصة التكاليف الإدارية)، والاحتيال وإساءة الاستخدام، والتمييز بين المواطنين، والانتقاء القسري، والمخاطر المعنوية، وفي النهاية يؤدي إلى نظام رعاية صحية يتسم بالظلم والإجحاف.

ويزعم المشككون في كلا التوجهين أنه لا التأمين الصحي ولا أنظمة الصحة الممولة من قبل الحكومات قد نجحت في التصدي لأكبر التحديات الصحية التي تواجه البلدان النامية. ويعتقدون، بدلا من ذلك، أن التمويل الحكومي وأموال المانحين ستنفق بشكل أفضل إذا وجهت إلى معالجة أمراض معينة تتطلب تدخلات معلومة جيدا وتتسم بفعالية التكلفة. ويدفعون بأن هذا التوجه أيسر في التنفيذ ويسمح بالمزيد من الرقابة المباشرة للنتائج.

وقد أصدرت مجموعة البنك الدولي كتابا جديدا بعنوان "توسيع مظلة التأمين الصحي بأسعار معقولة: الثبات على الدرب" (E) سعيا للمساهمة في المناقشات من خلال النظر في مختلف تجارب (E) التأمين الصحي حول العالم. ويستعرض الكتاب تجارب مثل نظام التأمين الصحي الوطني في غانا والذي امتدت مظلته إلى قطاع كبير من السكان من خلال إسناد تقديم الخدمات الصحية إلى منظمات صحية غير حكومية بالضواحي. ويبين الكتاب كيف انضوى أكثر من 80 في المائة من السكان في بعض المناطق برواندا تحت مظلة التأمين الصحي المقدم على مستوى المجتمعات المحلية.
 
ويسوق الكتاب أمثلة ينبغي أن نتوقف أمامها للتأمل، لتذكرنا بأن التأمين لا يقدم حلا سحريا بأي حال. على سبيل المثال، يستعرض المؤلفون في الفصل الخاص بأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى تحليلا يظهر أنه عند تثبيت إصلاحات الفروق بين ما يحصل عليه مقدم الخدمة والمبالغ التي تدفع، ومتغيرات أخرى، أدى التحول من التمويل من خلال الإيرادات العامة إلى التمويل من خلال الضرائب على الأجور إلى زيادة الإنفاق الوطني على الصحة مصحوبا بزيادة في معدلات النشاط في المستشفيات، لكنه لم يؤد إلى تغييرات ملموسة في النتائج الصحية.
 
وقد استخلصت من البحث المدرج ضمن هذا المجلد أنه في الوقت الذي تعتبر الرعاية الصحية الشاملة هدفا مشتركا في مختلف البلدان، فليست ثمة وصفة واحدة لتحقيق ذلك. وسيتأثر المسار الذي يسلكه كل بلد بالواقع المحلي السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي أكثر من تأثره بالمواقف الأيديولوجية الصارمة.
 
وليس التأمين الصحي سوى واحدة من آليات عديدة للتمويل المتاح. وإذا صممت بالشكل اللائق، خاصة عندما تقترن بالدعم الحكومي، فيمكن لهذه الآلية أن تستخدم بشكل فعال لتحسين صحة الأسر من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
 
وخلال تدشين الكتاب، دعا وزير الصحة المكسيكي السابق جوليو فرنك "إلى التحرك إلى ما وراء الثنائيات المزيفة". وهذا بالضبط ما تفعله العديد من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل من خلال تجريب أساليب مبتكرة، ومزج ومطابقة أنواع من التأمين، والدعم والخدمات المجانية الممولة من الضرائب من أجل بلوغ أهدافهم الصحية. وبمساندة من مجموعة البنك الدولي، تعكف كل من نيجيريا وكينيا حاليا على استكشاف كيفية توجيه الدعم المخصص لمواجهة الفقر من خلال الأنظمة العامة للتأمين الصحي في الوقت الذي تقوم بزيادة سبل الحصول على الخدمات الصحية لرعاية الأم والطفل.
 
وفي غياب المعايير الفنية النموذجية لتحقيق الرعاية الصحية الشاملة، سيجد كل بلد بالضرورة المسار الذي يناسبه من خلال التجريب، والتعلم، ثم المزيد من التجريب.