بتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في البنية التحتية يمكننا حفز النمو في البلدان النامية
من المُتوقَّع في وقت لاحق من هذا الشهر أن تضع الأمم المتحدة اللمسات النهائية على أهدافها للتنمية المستدامة، وهي خطة عمل عالمية هدفها القضاء على الفقر ومساندة نمو طويل الأجل. وينص أحد هذه الأهداف على: "إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع والمستدام، وتشجيع الابتكار."
وفي الكثير من بلدان العالم النامية، من آسيا إلى أمريكا اللاتينية، قد يكون النقص الشديد في مرافق البنية التحتية أكبر عقبة في طريق التنمية البشرية والاقتصادية. وسيدعم سد هذا النقص التقدم المُحرز نحو بلوغ الكثير من أهداف التنمية المستدامة.
فنحو 2.5 مليار نسمة في شتَّى أرجاء العالم ما زالوا محرومين من خدمات كافية للصرف الصحي، و768 مليون نسمة لا يحصلون على مياه الشرب النظيفة. وأكثر من مليار نسمة لم تدخل الكهرباء منازلهم. وإذا أضفنا إلى هذه القضايا المشكلات الشائعة الأخرى –مثل تدهور أحوال الطرق وتداعي الجسور، وسوء إدارة المطارات، وعدم كفاءة الموانئ- سنجد وصفة من العوامل التي تؤدي إلى نمو قريب من الصفر.
ولا يمكننا المساعدة على حفز نمو فاعل وإزالة شبح الفقر إلا بتحقيق تحسينات ملموسة في مرافق البنية التحتية في بلدان العالم النامية. ولبلوغ ذلك الهدف، يجب على بلدان العالم النامية أن تنفق على الأقل تريليون دولار أخرى سنويا على تطوير البنية التحتية، ولكن في ضوء ما تواجهه الكثير من الحكومات في أنحاء العالم من القيود المالية في ميزانياتها من أين ستأتي هذه الأموال؟
تكمن الإجابة في القطاع الخاص الذي يُمكِن أن تساعد خبراته وقدراته المالية على جعل مشاريع البنية التحتية الحيوية حقيقة واقعة.
للقطاع الخاص دور رئيسي يجب أن يضطلع به
في مؤسسة التمويل الدولية –وهي أحد أعضاء مجموعة البنك الدولي- نساعد الشركات الخاصة على الاستثمار في البلدان النامية، وذلك في إطار جهودنا لمكافحة الفقر وتعزيز الرخاء الذي يتشارك الجميع في جني ثماره. وقد ساعدت استثمارات المؤسسة في مشاريع البنية التحتية على تهيئة أكثر من 2.5 مليون وظيفة، وحصول أكثر من 23 مليون شخص على المياه النظيفة، وتيسير حصول 100 مليون شخص على الكهرباء، وتوفير خدمات الهاتف لأكثر من 237 مليون شخص.
وبدأت الحكومات في أنحاء العالم تتبنَّى الاعتماد على الاستثمارات الخاصة في قطاع البنية التحتية.
فالأردن، على سبيل المثال، سن قانونا جديدا للطاقة المتجددة في عام 2012، ساعد على تسهيل تطوير المشاريع الضخمة. ونتيجة لذلك، وبمساندة من مؤسسة التمويل الدولية، وضع هذا البلد في الآونة الأخيرة اللمسات النهائية لتمويل سبع محطات للطاقة الشمسية بطاقة مجمعة قدرها 102 ميجاوات وهو أكبر مشروع للطاقة الشمسية يقوده القطاع الخاص في المنطقة. ويأتي هذا التقدم الذي حققه الأردن في إطار سلسلة مشاريع للطاقة يقودها القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تضيف أكثر من 100 جيجاوات إلى شبكة الكهرباء العمومية بحلول عام 2030.
وعلى الرغم من سلسلة نجاحات كهذه فإن نصيب القطاع الخاص لا يزيد على 15 في المائة من الاستثمارات الكلية في البنية التحتية في بلدان الاقتصادات الصاعدة والنامية، في حين يبلغ نصيب الحكومات 70 في المائة. وأكثر من ذلك أن 95 في المائة من تمويل القطاع الخاص للبنية التحتية يحدث في بلدان متوسطة الدخل فلا يبقى إلا القليل من أجل البلدان الأشد فقرا واحتياجا.
وصفة للنمو
والسؤال الذي يفرض نفسه هو: كيف يُمكِننا تغيير ذلك الوضع؟
أولا، يجب على الحكومات أن تخلق بيئة يستطيع القطاع الخاص فيها أن يزدهر بمكافحة الفساد ووضع أُطٌر تنظيمية تتسم بالشفافية. وبالنظر إلى الطبيعة طويلة الأجل لتنمية البنية التحتية ومبالغ التمويل الهائلة التي تتطلبها يحتاج المستثمرون إلى الثقة في الأسواق التي يعملون فيها. وثانيا، يجب على البلدان مساندة الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تعمل من خلالها الشركات والحكومات معا في مشاريع البنية التحتية الكبرى. وتُتيح هذه الشراكات للدول الاستفادة من خبرات القطاع الخاص، وفي الوقت نفسه تسمح للمسؤولين بالتركيز على السياسات والتخطيط. وأخيرا، يجب أن تستمر المؤسسات المالية الدولية في مساندة تنمية مرافق البنية التحتية. فعلى سبيل المثال، استثمرت مؤسسة التمويل الدولية أربعة مليارات دولار في مشاريع البنية التحتية في السنة المالية 2015. ومع ذلك يوجد متسع لوكالات التنمية لعمل المزيد.
ومنذ إطلاق الأهداف الإنمائية للألفية (السابقة على أهداف التنمية المستدامة) قبل 15 عاما، حقق العالم تقدما كبيرا من حيث توفير الخدمات الأساسية لأفقر مواطنيه. ولكن بحلول عام 2030، سيحتاج العالم على الأرجح إلى زيادة إمدادات الطاقة 40 في المائة وسيواجه نقصا في موارد المياه نسبته 40 في المائة.
وهذه أرقام تبعث على القلق. ولكن ينبغي لنا أن نتذكَّر أنه بالاستفادة من خبرات القطاع الخاص وقدراته يمكننا إطلاق القوة التحويلية للبنية التحتية.
* ديميتريس تسيتسيراجوس هو نائب الرئيس لشؤون خدمات المتعاملين العالمية في مؤسسة التمويل الدولية، وهي إحدى مؤسسات مجموعة البنك الدولي. وهو يرأس العمليات الاستثمارية والخدمات الاستشارية في المؤسسة، ويشرف على إعداد المشاريع الجديدة، وحافظة الاستثمارات، وعلاقات المتعاملين مع شركاء القطاع الخاص الرئيسيين في أنحاء العالم.
انضم إلى النقاش