هل يستطيع الجميع تحمل تكلفة تناول طعام صحي؟ بيانات جديدة تظهر إحرازَ تقدمٍ لكنه لا يشمل كل المناطق والبلدان

الصفحة متوفرة باللغة:
هل يستطيع الجميع تحمل تكلفة تناول طعام صحي؟ بيانات جديدة تظهر إحرازَ تقدمٍ لكنه لا يشمل كل المناطق والبلدان

تتخلف البلدان المنخفضة الدخل ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء عن ركب التقدم العالمي نحو توفير أنظمة غذائية صحية ميسورة التكلفة.

لم يستطع نحو 2.6 مليار شخص، أي ما يعادل 32% من عدد سكان العالم، تحمل تكلفة نظام غذائي صحي في عام 2024

** البيانات باللغة الإنجليزية


تظهر أحدث التقديرات لتكلفة النظام الغذائي الصحي والقدرة على تحملها، التي جاءت في  تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2025: مواجهة تضخم أسعار الغذاء من أجل الأمن الغذائي والتغذية، أنه على الرغم من تحسن إمكانية حصول الناس على الأنظمة الغذائية الصحية، لا يزال التقدم المحرز متفاوتاً. ففي عام 2024، بلغ متوسط التكلفة العالمية لنظام غذائي صحي 4.46 دولارات للفرد يومياً على أساس تعادل القوة الشرائية للدولار. ولا يستطيع نحو 2.6 مليار شخص تحمل تكلفته، بانخفاض قدره 48.8 مليون شخص عن العام السابق. ويعكس هذا التحسن ارتفاعاً بسيطاً في تكاليف الأنظمة الغذائية الصحية على مستوى العالم، تعوضها زيادة الدخل في العديد من البلدان.

غير أن المتوسطات العالمية لتكلفة نظام غذائي صحي تخفي التفاوتات الإقليمية. ففي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء والبلدان المنخفضة الدخل، ساءت الأوضاع لعامين متتاليين منذ عام 2022، وهي السنة المرجعية السابقة. وعلى الرغم من أن معظم المناطق شهدت تباطؤاً ملحوظاً في ارتفاع تكاليف الأنظمة الغذائية الصحية في عامي 2023 و2024 (بعد الزيادات الحادة التي شهدها عام 2022)، كان هذا التباطؤ هامشياً في أفريقيا جنوب الصحراء والبلدان المنخفضة الدخل، مما أبقى التكاليف قريبة من مستويات قياسية. وفي أفريقيا جنوب الصحراء، استمرت الزيادة في معدل انتشار عدم القدرة على تحمل تكلفة نظام غذائي صحي ونمو إجمالي عدد السكان منذ عام 2022، على عكس معظم المناطق الأخرى حيث ينخفض معدل الانتشار. ونتيجة لذلك، زاد عدد الأشخاص غير القادرين على تحمل تكلفة نظام غذائي صحي في عامي 2023 و2024، مما جعل هذه الأنظمة الغذائية بعيدة المنال عن الملايين بشكل أكبر. وبالإضافة إلى ذلك، لوحظ أيضاً أن الاوضاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان تأخذ اتجاهاً أسوأ.


العوامل التي تقيسها المؤشرات

تتبع المؤشرات الخاصة بتكلفة النظام الغذائي الصحي والقدرة على تحملها، التي اشتركت في إعدادها ونشرها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) والبنك الدولي، مقياسين رئيسيين، وهما:

  • تكلفة النظام الغذائي الصحي: وهو مؤشر للمتوسط الوطني لأدنى تكلفة نقدية يومية لازمة للحفاظ على قيمة الاستهلاك الذي تحتوي عليه الأنظمة الغذائية الصحية، استناداً إلى سلة النظام الغذائي الصحي - وهو نظام غذائي مرجعي عالمي مستمد من الإرشادات الغذائية للبلدان - استناداً إلى أسعار التجزئة المُمَثَّلة على المستوى الوطني للمواد الغذائية المتاحة محلياً.
  • القدرة على تحمل تكلفة النظام الغذائي الصحي: ويقاس بتقدير نسبة وعدد الأشخاص في كل بلد ممن يقل دخلهم عن تحمل تكلفة النظام الغذائي بعد حساب الاحتياجات الأساسية غير الغذائية، استناداً إلى خطوط الفقر الدولية للبنك الدولي.

ولأغراض الرصد العالمي، يتم إعداد جميع المؤشرات باستخدام بيانات أسعار التجزئة للمواد الغذائية الممثلة على المستوى الوطني من برنامج مقارنات الأسعار الدولية الذي تديره مجموعة بيانات التنمية التابعة للبنك الدولي، وبيانات توزيع الدخل من منصة البنك الدولي المعنية بالفقر وعدم المساواة.

 

تباين الاتجاهات بين فئات الدخل

تكشف اتجاهات تكلفة النظام الغذائي الصحي والقدرة على تحملها عن وجود تفاوتات مستمرة وآخذة في الاتساع بين فئات دخل البلدان.

وبين عامي 2017 و2024، شهدت البلدان المنخفضة الدخل أعلى زيادة تراكمية في تكلفة النظام الغذائي الصحي، حيث ارتفعت بنسبة 47.5% مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 42.0%. وظل نمو التكلفة في هذه البلدان مرتفعاً في العامين الأخيرين، حيث سُجلت زيادات بنسبة 7.6% في عام 2023 و7% في عام 2024. ولم يكن هناك نمو في الدخل لتعويض هذه الضغوط المستمرة على التكاليف.

ونتيجة لذلك، استمر تزايد عدد الأشخاص غير القادرين على تحمل تكلفة النظام الغذائي الصحي في البلدان المنخفضة الدخل، مدفوعاً باستمرار ارتفاع معدلات عدم القدرة على تحمل التكلفة والنمو السكاني. وفي عام 2024، بلغ العدد الإجمالي أكثر من 545 مليوناً، أي بزيادة 20% عما كان عليه في عام 2017.

وعند استثناء الهند من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، يزيد أيضاً عددُ الأشخاص غير القادرين على تحمل تكلفة نظام غذائي صحي في تلك المجموعة - بنحو 70.3 مليون شخص، أو 8.8% مقارنة بعام 2017.

وفي المقابل، شهدت الشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل والبلدان المرتفعة الدخل زيادات أكثر اعتدالاً في تكلفة النظام الغذائي وتحسناً مطرداً في تقديرات القدرة على تحملها.

وتبرز هذه الاتجاهات المتباينة تفاوتاً هيكلياً متزايداً، ففي حين تتحسن القدرة على تحمل التكلفة بشكل عام على مستوى العالم، تتعرض البلدان الأشد فقراً لمزيد من التخلف عن الركب. ويعد سد هذه الفجوة أمراً بالغ الأهمية لتكون الأنظمة الغذائية الصحية في متناول الجميع.


مستوى أعلى من سرعة البيانات وقوة المتابعة

من أهم الإنجازات التي شهدها هذا العام التحول إلى إعداد التقارير من نوع T-1، حيث أصبحت تقديرات تكلفة النظام الغذائي والقدرة على تحملها متاحة للسنة التقويمية السابقة (2024) لأول مرة، وذلك بفضل تعزيز التنسيق بين فرق عمل البنك الدولي والفاو. ويتيح هذا التحديث مؤشرات للتكلفة مقومة أيضاً بالعملات المحلية، مما يدعم تسريع عملية اتخاذ القرار وزيادة ملاءمتها على المستوى الوطني.

وتعكس هذه التقديرات أحدث البيانات العالمية المتاحة عن أسعار الغذاء وتوزيع الدخل التي تم التحقق منها بشكل مشترك من قِبَل المؤسستين. وفي الحالات التي توجد فيها فجوات في البيانات، يتم تطبيق الافتراضات المتعلقة بالدخل واتجاهات الأسعار، مع زيادة الاعتماد على هذه الافتراضات المطلوبة لتحديث تلك التقديرات. وإدراكاً لذلك، تهدف الجهود الجارية إلى تحسين حداثة البيانات ورفع مستوى دقتها للوصول إلى فهم أفضل للأماكن التي تظل الأنظمة الغذائية الصحية فيها غير ميسورة التكلفة ولأي الفئات السكانية.

 

إضفاء الصبغة الرسمية على الشراكة: إبرام مذكرة تفاهم بين منظمة الأغذية والزراعة والبنك الدولي

لإضفاء الطابع المؤسسي على التعاون بين البنك الدولي والفاو، قام الجانبان بتوقيع مذكرة تفاهم في يونيو/حزيران 2025. وتسهم هذه الاتفاقية في تعزيز المسؤولية المشتركة عن إعداد مؤشرات تكلفة النظام الغذائي والقدرة على تحملها وتنقيحها ونشرها.

وتعكس هذه المذكرة تزايد الإقرار بأهمية تكلفة النظام الغذائي والقدرة على تحملها بوصفها معياراً عالمياً حيوياً للأمن الغذائي والتغذية. كما أنها تعزز التزام المؤسستين بالتقدم المنهجي وبناء القدرات، مما يساعد على ضمان إثراء الأولويات على مستوى البلدان والاستجابات على مستوى السياسات العالمية.

 

أسباب أهمية تحديث البيانات

تعزز أحدث البيانات أحد الشواغل المتزايدة: على الرغم من تحسن إمكانية الحصول على أنظمة غذائية صحية على مستوى العالم، فإنها لا تصل إلى المناطق والبلدان الأشد فقراً. ففي حين تستعيد أجزاء كثيرة من العالم قدرةَ سكانها على تحمل التكلفة بصورة تدريجية، تزداد البلدان المنخفضة الدخل وأفريقيا جنوب الصحراء تخلفاً عن الركب.

ولا يعني الحصول على نظام غذائي صحي مجرد توافر الغذاء على الموائد، بل إنه يتعلق بصحة الأشخاص وكرامتهم والفرص المتاحة لهم. وبدون الاستثمارات الموجهة والسياسات الذكية، ستستمر فجوة القدرة على تحمل تكلفة الأنظمة الغذائية الصحية في تقويض التقدم المحرز نحو تحقيق الأمن الغذائي والتغذية على مستوى العالم. كما سيؤخر تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومنها القضاء التام على الجوع (الهدف 2)، والصحة الجيدة والرفاه (الهدف 3)، والحد من الفقر (الهدف 1 )، والحد من أوجه عدم المساواة (الهدف 10).

 

ما الذي يمكن فعله؟

إن البيانات واضحة كالشمس، فنحن بحاجة إلى إجراءات عاجلة وموجهة لسد فجوة القدرة على تحمل التكاليف. وهذا يعني الاستثمار في أنظمة الغذاء، ومساندة الأسر الأكثر احتياجاً، وضمان تحويل النمو الاقتصادي إلى تحسنٍ حقيقي في حياة الناس.

 

استكشاف البيانات

يتوفر الآن أحدث البيانات الخاصة بتكلفة النظام الغذائي والقدرة على تحملها في العديد من المنصات العالمية عالية التأثير. يُرجى استكشاف الموارد المختارة أدناه للوصول إلى البيانات والأساليب والرؤى الخاصة بتكاليف الأنظمة الغذائية الصحية والقدرة على تحملها.

 

 

يعرب المؤلفون عن امتنانهم لإنيونغ سونغ على مساهماتها في العروض المرئية في هذه المدونة، وميزوكي ياماناكا لإعداده بيانات تعادل القوة الشرائية المستخدمة في تقديرات مؤشرات تكلفة النظام الغذائي الصحة والقدرة على تحملها. كما يتوجهون بشكر خاص إلى كريستوف لاكنر وصامويل كوفي تيته باه على عملهما في بيانات الدخل من منصة البنك الدولي المعنية بالفقر وعدم المساواة. كما يعربون عن تقديرهم للزملاء في فرق عمل البنك الدولي والفاو على دعمهم الجماعي في إعداد بيانات تكلفة النظام الغذائي الصحي والقدرة على تحملها ونشرها في الوقت المناسب.


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000