نحن في أزمة، وهي أزمة تمسّ جميع جوانب الحياة ونواحيها؛ فالصحة والأرواح ومصادر كسب الرزق والآفاق المستقبلية كلها على المحك. وتتضح آثار أزمة كورونا (كوفيد-19) بشكل ملحوظ في أشدّ بلدان العالم فقراً وأكثرها ضعفاً.
وفي أوقات كهذه، نحتاج حاجة ماسة وعاجلة إلى براهين على التضامن والمساندة المجتمعية. وكنا الأسبوع الماضي شهوداً على مثل هذه اللحظة من التضامن العالمي أثناء انطلاق مفاوضات العملية العشرين لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية، وهي صندوق البنك الدولي لمساعدة أشدّ بلدان العالم فقراً. ورأينا ممثلي البلدان المتقدمة والنامية يتكاتفون وكلهم تركيز وإصرار على الهدف النهائي، وهو تحقيق تعافٍ أخضر وشامل وقادر على الصمود للجميع.
دفعت الضغوط الناجمة عن أزمة كورونا المؤسسة إلى تعجيل وتيرة ارتباطات التمويل العام الماضي وإطلاق عملية مبكرة لتجديد مواردها لمساندة احتياجات البلدان. ونرحب بقرار ممثلي البلدان المانحة والمقترضة من المؤسسة بتبكير مفاوضات تجديد الموارد قبل موعدها بعام واحد، ونتطلع إلى المناقشات الحيوية الكثيرة القادمة، التي تتوجها جلسة إعلان التبرعات في ديسمبر/كانون الأول هذا العام. فهناك الكثير على المحك، ويجب علينا جميعاً أن نُبقي على جذوة روح التضامن العالمية هذه حية في الأشهر والسنوات المقبلة.
المؤسسة الدولية للتنمية تكثف جهودها للاستجابة لأزمة عالمية غير مسبوقة
تتمتع المؤسسة الدولية للتنمية بسجل أداء قوي في هذا المضمار؛ فهي لم تتهرب قط من التحديات المروّعة التي تواجه البلدان الأعضاء. والواقع أن المؤسسة - في مواجهة جائحة كورونا - ضاعفت جهودها مع طفرة كبيرة في التمويل لمساندة الاستجابة. وعلى مدى 15 شهراً تنتهي في يونيو/حزيران 2021، تعمل المؤسسة على تقديم ما يصل إلى 55 مليار دولار من الاعتمادات الميسرة والمنح التي تركز على إنقاذ الأرواح وحماية الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً وتوفير فرص العمل وإنقاذ منشآت الأعمال وبناء تعافٍ أقدر على الصمود وأكثر استدامة.
ففي كمبوديا، على سبيل المثال، بنت المؤسسة الدولية للتنمية على سنوات من الاستثمارات في قطاع الصحة لضمان سرعة صرف الأموال، مما أتاح للحكومة التبكير بشراء مستلزمات الاستجابة الحيوية في حالات الطوارئ. وفي أفغانستان، تعكف المؤسسة على المساعدة على توعية النساء بمخاطر فيروس كورونا والحفاظ على سلامة مجتمعاتهن المحلية. وفي منطقة الساحل - حيث تتفاقم آثار جائحة كورونا بفعل تغير المناخ - تعكف المؤسسة على إطلاق مبادرات للرصد والمتابعة، وتدعيم أنظمة الإنذار المبكر القائمة، وتقديم استجابات موجهة لمساندة قطاعي الزراعة والرعي.
كان نموذج تمويل المؤسسة الدولية للتنمية حجر الزاوية في هذه الاستجابة
نفّذت المؤسسة الدولية للتنمية في الآونة الأخيرة عدة ابتكارات أدت إلى نقلة نوعية في التمويل الإنمائي الميسر. وجاء الابتكار الأول في 2018، عندما وسعت المؤسسة التمويل المقدم للبلدان الأعضاء بنسبة 50% من خلال الحصول على تصنيف ائتماني من الفئة الممتازة (AAA) وإصدار سندات في أسواق رأس المال الدولية لأول مرة في تاريخها. وأتاح هذا الحدث التاريخي توسيع النطاق بشكل كبير، حيث يولد كل دولار من مساهمات الشركاء الجديدة أكثر من 3 دولارات دعماً للبلدان الأشد فقراً والأولى بالرعاية، بمساندة من تمويل أسواق رأس المال وحصيلة سداد القروض.
وثمة إنجاز مهم آخر لدورة تمويل العملية الثامنة عشرة لتجديد موارد المؤسسة وهو زيادة التمويل المخصص للفئات الأشد ضعفاً والأولى بالرعاية، ومن هذا زيادة التمويل المقدم إلى البلدان التي تعاني من الهشاشة أو الصراع بأكثر من الضعفين. كما ساندت المؤسسة أيضاً تسوية المتأخرات، حيث خصصت تمويلاً قدره 1.1 مليار دولار واستكملت المبادرة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون، التي سهلت استئناف العمل بشكل ملحوظ مع الصومال والسودان، وأعطتهما الفرصة لإحداث تحول والخروج من هوة الصراع وبناء القدرة على الصمود.
علاوة على ذلك، استُحدث خيار السحب المؤجل لمواجهة مخاطر الكوارث في عمليات سياسات التنمية لمساعدة البلدان على تدعيم قدرتها على التخطيط للتصدي للأزمات وإدارتها قبل وقوعها. كما وُسعت نافذة التصدي للأزمات، مما أعطى المؤسسة القدرة على توجيه التمويل بسرعة متى وأينما دعت الحاجة إليه كأشد ما يكون، بما في ذلك توجيهه استجابةً لجائحة كورونا. وأخيراً أنشأت المؤسسة نافذة البرنامج المتعاملة مع القطاع الخاص لتعبئة الموارد الخاصة وإتاحة الفرص الاستثمارية في بعض من أكثر الأسواق الحافلة بالتحديات. وقد وضعت هذه التجارب المؤسسة فعلياً في وضع يهيّئ لها تقديم تمويل سريع ومرن عندما تمسّ الحاجة إليه.
كل هذا يجعل المؤسسة الدولية للتنمية منبراً قوياً لتفعيل هدف عالمي مشترك من خلال العملية العشرين لتجديد موارد المؤسسة.
أنشئت المؤسسة الدولية للتنمية قبل 60 عاماً لخدمة أشد الشعوب ضعفاً بتقديم منح وقروض بلا فائدة أو بفائدة منخفضة للغاية لمساندة نموهم الاقتصادي وتحقيق أهدافهم الإنمائية. وباعتبارها أكبر جهة متعددة الأطراف في العالم لتقديم المساعدات المالية لأشد البلدان فقراً، تتمتع المؤسسة بأهمية بالغة في مساندة نحو 480 مليون نسمة يعيشون في فقر مدقع في البلدان الأعضاء، وهو رقم مرشح للازدياد بما بين 55 و 63 مليوناً هذا العام.
والآن وفيما تواجه هذه المجتمعات المحلية تحدياً لا مثيل له نتيجة الجائحة العالمية وآثارها المتلاحقة، فإن قدرة المؤسسة على الوصول إلى المحتاجين لم تكن قط أهم - ولا أكثر تقديراً - منها في يومنا هذا. وتتيح العملية العشرون لتجديد موارد المؤسسة فرصة حقيقية تماماً لمساعدة البلدان على استعادة وضعها على المسار الصحيح نحو مستقبل أفضل. ونظراً لتركيز المؤسسة الدقيق على الكفاءة والنتائج وقدرتها على العمل مع الشركاء الرئيسيين، تُعد منبراً قوياً لتفعيل هذا التضامن الدولي الذي نحن في أمسّ الحاجة إليه.
للحصول على أحدث المعلومات عن المؤسسة الدولية للتنمية، نرجو زيارة: /ida.albankaldawli.org أو متابعتنا على: @WBG_IDA و #IDAWorks
انضم إلى النقاش